تقرير مؤتمر: ماذا بعد: خطوات مصر القادمة في حال استمرار فشل مفاوضات سد النهضة
“على المصريين والسودانيين الاعتماد على أنفسهم لحل أزمة سد النهضة، وألا يعولوا على أي أطراف خارجية… انا أؤيد الرئيس السيسي حينما قال إن خط المياه خط أحمر”
نظم المركز الاوروبي الشمال افريقي للبحوث والدراسات يوم السبت الموافق 1 مايو 2021، مائدة مستديرة تحت عنوان ” هل لازالت هناك آفاق للسلام: ماذا بعد فشل المفاوضات المصرية السودانية الاثيوبية حول سد النهضة؟
شرف المركز باستضافة كلا من الأستاذ شريف الجبالي-رئيس لجنة الشؤون الافريقية في البرلمان المصري، الدكتور أحمد سليمان الجوميعي- خبير المياه السوداني، الأستاذ رامي زهدي- الخبير في الشؤون الافريقية، والدكتور خافيير بوراس- الخبير في القانون الدولي والاقتصاد.
قامت الدكتورة سارة كيرة مديرة المركز بإدارة اللقاء، وطرحت بعض الأسئلة المحورية حول خطوات التحرك المصرية السودانية القادمة في ظل استمرار التعنت الاثيوبي فيما يتعلق بسد النهضة.
أبرز ما جاء في كلمة الأستاذ شريف الجبالي
- لن يؤثر السد على انخفاض منسوب المياه القادمة إلى مصر فقط، بل تمتد آثاره لتشمل خسارة أهم المحاصيل الزراعية التي تعتمد عليها مصر كالأرز والشكر. كما يؤثر بالضرورة على انخفاض معدلات توليد الكهرباء بنسبة 25% إلى 50.
- لابد للمجتمع الدولي أن يلعب دورا أكبر في حل هذا النزاع والوصول لاتفاق ملزم براعية الرباعية الدولية التي سبق وأن اقترحتها مصر؛ الاتحاد الأوروبي، الاتحاد الافريقي، الولايات المتحدة، والأمم المتحدة. رعاية هذه الرباعية لمثل هذا الاتفاق تجعل منه اعترافا دوليا بحقوق مصر والسودان في مياه النيل، وتجعلها أكثر الزاما لأثيوبيا عن غيره من الاتفاقات.
- الاتحاد الأوروبي عليه دور كبير في هذا السياق في ضوء قوته القيمية. مصر مستعدة لبذل كل ما لديها من الوسائل السلمية لحل الازمة شريطة أن يتعاون المجتمع الدولي معها. يضاف إلى هذا أيضا، أنه بخلاف القوة القيمية للاتحاد الأوروبي، فأن عدم الاستقرار مصر نتيجة للمساس بحصتها التاريخية في مياه النيل قد يلقي بظلاله على الاتحاد الأوروبي، وهذا الامر في غير صالح الاتحاد الأوروبي بالتأكيد.
- إشارة اثيوبيا لاستمرار عملية ملء السد تأتي من منطلق فرض الامر الواقع على الجميع، وهناك بعض القوى التي تشجعها على ذلك، حيث تتحدث اثيوبيا على نظام عالمي جديد، لابد لمصر والسودان قبول الحقائق الجديدة الخاصة به. أهم هذه الحقائق أن النهر أصبح مملوكا لأثيوبيا، وهو أمر مجافي للحقيقة لأن النهر هبة من الله ولا تستطيع أي دولة أن تدعي ملكيته. الموقف الاثيوبي المتعنت سيؤدي بالضرورة لحرمان مصر والسودان من المياه مما ينتج عنه هلاك تلك الدول.
في سياق متصل أشار الأستاذ الدكتور أحمد سليمان الجوميعي – الخبير السوداني في المياه إلى التالي:
- لا يتوقع أن يقوم الاتحاد الأوروبي أو غيره من الأطراف الخارجية بدعم قضية مصر أو السودان، نظرا لأن كل طرف لديه العديد من المصالح المتشابكة التي قد تختلف مع رؤية مصر أو السودان لأزمة السد.
- من وجهة النظر المتخصصة، فأن عملية بناء السد يشوبها العديد من المشكلات الفنية. اخفت اثيوبيا اثناء فترة البناء كافة المعلومات والتفاصيل الفنية عن مصر والسودان ورفضت التعاون معهم في هذا الشأن. خير شاهد على ذلك رفض كافة شركات التأمين العالمية تأمين السد لمعرفتها المسبقة بخطورته الكبيرة في ضوء وجود العديد من المشكلات الفنية. في حالة انهيار السد، فانه من المتوقع أن ينهار معه سد زنار وسد الروصيراس، وستكون الخرطوم على عمق 26 متر تحت سطح المياه. كذلك، سيؤدي انهيار السد إلى تدمير مشروع الجزيرة وستمتد آثاره حتى منطقة أبو حمد. الآثار السلبية لانهيار السد ستلقي بظلالها السلبية على مصر أيضا، فقد يتعرض السد العالي للتدمير أو الشرخ نتيجة حدوث فيضانات ضخمة عقب انهيار السد، لاسيما في ضوء سرعة النهر الكبيرة. لدى اثيوبيا حاليا القدرة على تجفيف النيل الأزرق إذا استمرت في تخزين المياه لمدة عام ونصف العام. السعة التخزينية المقدرة بنحو 74 مليار متر مكعب كفيلة بتجفيف النهر تماما. تقوم اثيوبيا بذلك من قبيل فرض السيطرة والامر الواقع وتغيير الجغرافيا السياسية. تصريح وزير الخارجية الاثيوبي أن النيل أصبح بحيرة اثيوبية تصريح خطير جدا ما كان ينبغي أن يقال. السؤال الذي يثير حفيظة المتخصصين ” لماذا تخزين 74 مليار متر مكعب تحديدا”. هذه حصة مصر والسودان من النهر مجتمعين.
- روج بعض الأشخاص في السودان إلى أن مصر هي سبب الفيضان السابق بغلقها السد العالي. هذا الأمر غير صحيح بمكان والهدف منه إثارة الفتنة بين الجانبين. عمليا، فإن غلق السد الغالي له اضرار كبرى على مصر كما هو الحال مع السودان.
- هناك اقتراح بالبدء في المطالبة بعودة الأراضي السودانية التي ضمتها اثيوبيا، والتي يقام عليها السد قبل البدء في عملية التفاوض حول السد ذاته.
- التأكيد على ضرورة التعويل على الذات بالنسبة لمصر والسودان دون الاخرين كالاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة أو حتى الاتحاد الافريقي لأن تلك الوساطات أو التدخلات قد تشوبها شبهة عدم الموضوعية والحياد.
في سياق متصل، أكد رامي زهدي – خبير الشؤون الافريقية ورجل الأعمال على الآتي:
- أثيوبيا هي الخاسر الأكبر من عدم التوافق حول السد واستمرار الوضع كما هو عليه. وهو على يقين أنها لن تحصل على أي استثمارات دولية بسبب مشكلات السد، فمن غير المنطقي أن يضخ أي مستثمر رأس مال في منطقة تتسم بعدم الاستقرار.
- اثيوبيا لديها طموح فيما يتلق ببيع مياه نهر النيل، لكنه من غير المعقول أن تفكر في بيع هذه المياه للدول الشريكة في النهر كما هو الحالي مع مصر والسودان. “النهر الذي يسري بأمر الله لا يستطيع بشر ايقافه “.
- احترام حقوق الأخوة الاثيوبيين في التنمية ومشاركتهم طموحهم وأحلامهم في هذا الإطار شريطة الا يكون ذلك على حساب الشعب المصري وحصته التاريخية في مياه النيل. لن تتنازل مصر عن حقها المشروع في مياه النيل.
- تصاعد الخلاف حول قضية سد النهضة سيؤدي بالمنطقة لمستوى خطير من عدم الاستقرار الاجتماعي، السياسي والاقتصادي. فرص التعاون والتكامل بين مصر والسودان واثيوبيا وباقي دول الحوض أكثر من بكثير من مسببات عدم التوافق أو الصراع.
- توصية الجانب المصري والسوداني بالحصول على حصة 55 مليار متر مكعب وأكثر من الماء بالنسبة لمصر، وأن تحصل السودان على كافة التطمينات على أمنها وسلامة أراضيها، وأن تحصل إثيوبيا على ما تشاء من كهرباء طالما هو ذلك الهدف المعلن لبناء السد.
أما د. خافيير بوراس-الأكاديمي المتخصص في القانون الدولي والاقتصاد بجامعة سان بابلو الإسبانية، فقد أشار إلى التالي:
- الاتحاد الأوروبي غير معني بقضية مياه النيل كثيرا وتنقصه الكثير من المعلومات في هذا الشأن. قد يكون الاهتمام موجودا لكن في إطار دولا بعينها مثل فرنسا وأحيانا المانيا. لكن هذه القضية ليست ضمن أولويات الاتحاد الأوروبي على المستوى الجماعي في الوقت الحالي.
- الحق في الوصول للمياه هو حق من حقوق الانسان كما اقرته الأمم المتحدة.
- كمتخصص في القانون الدولي، يتفهم كثيرا المطالب المصرية والسودانية في مياه النيل، وأنه النزاع على مياه النيل هو عملا من اعمال القانون الدولي بالضرورة وليس شأن داخليا أو يتعلق بالسيادة كما تدعي اثيوبيا.
- توصية بالاستفادة من تجربة الاتحاد الأوروبي في هذا السياق وأشار إلى إمكانية الاستفادة منها من خلال تشكيل هيئة مستقلة فوق وطنية تجمع دول نهر النيل كافة وتفضل فيما ينهم من نزاعات ويكون لها الكلمة الفصل والأخيرة في حل النزاعات التي تنشئ حول إدارة النهر.
اختتمت المائدة المستديرة أعمالها بعدد من التوصيات، منها:
- ضرورة التنسيق بين الجانبين المصري والاوروبي، لاسيما على مستوى البرلمانات والمجتمع المدني.
- فتح قنوات للتواصل بين مجموعة من البرلمانيين المصريين ونظرائهم الأوروبيين لعرض وجهة النظر المصرية على الجانب الأوروبي وتزويده بالمعلومات الكاملة في هذا الشأن لحثه على لعب دور أكبر مع باقي الأطراف الدولية المعنية.
- المركز من خلال خبرائه سيعمل على تقديم مقترح بأسماء البرلمانيين الأوروبيين الذين يمكن التواصل معهم في هذا الشأن للجانب المصري.
- المركز من خلال خبرائه سيعمل على تقديم مقترحات يمكن للجانب المصري تنفيذها للفت نظر الجانب الأوروبي والمجتمع الدولي بعدالة المطالب المصرية في مياه النيل.
- ضرورة التنسيق والتشبيك مع مختلف المؤسسات البحثية ومنظمات المجتمع المدني في مصر والسودان لرفع الوعي بقضية المياه وخطورتها.