
في ذكراها الـ 28… ما هي أتفاقية أوسلو ونتائجها في مسار القضية الفلسطينية
تشهد الأيام الحالية الذكرى الـ 28 لاتفاقية أوسلو المعروفة رسمياً باسم إعلان المبادئ حول ترتيبات الحكم الذاتي الانتقالي، تلك الاتفاقية التي عقدها الرئيس الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق شيمون بيريز، وفي حقيقتها عبارة عن اتفاق سلام وقعته إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في مدينة واشنطن الأمريكية في 13 سبتمبر 1993، بحضور الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون.
كتبت: عواطف الوصيف
بنود أساسية
وتضمنت الاتفاقية العديد من البنود، التي تركز بشكل أساسي على حقوق الشعب الفلسطيني، أهمها الانسحاب التدريجي من الضفة الغربية وقطاع غزة، مع نبذ السلطة الفلسطينية لأي مقاومة مسلحة ضد إسرائيل.
وحرص عرفات على الاهتمام بمناقشة سبل عودة اللاجئين وتقديم تعويض لهم على معاناتهم بعد هجرة 48، واتفق الأطراف على مناقشة جميع المحاور التي تتعلق بالقدس وبناء المستوطنات في الضفة الغربية.
ردود أفعال
تسببت “أوسلو” في حدوث انقسامات بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فداخل المجتمع الفلسطيني، ورغم قبول حركة “فتح” ببنود الاتفاقية واعتبارها أنها تصب في صالح الشعب الفلسطيني، اعترض كل من حركة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وجبهة التحرير الفلسطينية، مبررين أن أحد بنود الاتفاقية هو الاعتراف بإسرائيل على 78%، وهم يرفضون تماما الإعتراف بالكيان الإسرائيلي.
وفيما يتعلق بالتباين في الرؤى داخل إسرائيل، فقد أعرب اليسار الإسرائيلي عن دعمه لجميع بنود الاتفاقية، بينما عارضها اليمين بشدة، وبعد مباحثات استمرت لأيام، وافق 61 عضو كنيسيت وعارض 50 آخرون، وامتنع 8 عن التصويت.
بعد سنوات
الآن وبعد مرور 28 عاما على اتفاقية “أوسلو” تنادي العديد من الفصائل الفلسطينة بضرورة إلغائها تماما، فقد اعتبرت “حركة الجهاد الفلسطينية” أن هذه الاتفاقية كانت سببا في الانشقاق داخل فلسطين، وجعلت البلاد تعاني من مأزق كبير، وطالب جميع رموزها بضرورة التخلي عنها.
أما “الجبهة الوطنية لتحرير فلسطين” وصفت الاتفاقية بأنها عبارة عن سياسة عبثية ولم تحقق أي نفع للقضية الفلسطينية، مؤكدة على ضرورة التحرر من قيود أوسلو، وبروتوكول باريس الاقتصادي، واعتبر المتحدث باسم حركة “الأحرار” ياسر خلف، أن اتفاقية “أوسلو” كانت بمثابة النكبة على الشعب الفلسطيني، ووضعت البلاد تحت رحمة قيود الاحتلال وشرعنت الاستيطان.
ويرى خلف أن هذه الاتفاقية أدت إلى تجويع الشعب الفلسطيني واستئصال مقاومته تماما.
وتترك مواقف الفصائل الفلسطينية عدة تساؤلات تحتاج إلى تفسير، ترى هل حقا أخطأ الرئيس الراحل ياسر عرفات في تقدير الأمور حينما قرر ابرام اتفاقية اوسلو… وهل تعد هذه الاتفاقية قيد يعاني منه الشعب الفلسطيني منذ سنوات.. وهل بات يستلزم إلغائها لكي يتمكن أبناء فلسطين من استرداد حقوقهم ولكي تبرز القضية الفلسطينية على الساحة؟
استهداف السلطة الفلسطينية
أكد الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة القاهرة ورئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بمركز الدراسات الآسيوية، أن ما كل ما تردده الفصائل الفلسطينية المعارضة لاتفاقية “أوسلو” غير صحيح على الإطلاق، موضحا أن المطالبة بإلغاء أو تجميد اتفاقيتي “أوسلو” و “باريس الاقتصادية”، تأتي ممن وصفهم بـ “المغرضين”، الذين لا يريدون شيئا سوى استهداف السلطة الفلسطينية.
وأضاف “فهمي” في تصريحات خاصة لـ “المركز الأوروبي الشمال إفريقي للبحوث” أن لابد من أن يعرف من يريد إلغاء أتفاقية “أوسلو” أنها هي التي أقامت لأول مرة كيان فلسطيني على جزء من أرض فلسطين التاريخية، مشيرا إلى أنها أيضا أقرت واقع، وهو أن هناك سلطة وكيان فلسطيني معترف به دوليا، هذا الكيان الذي يمثل الشعب الفلسطيني، وحركة “فتح” هي التي اعترفت بها إسرائيل رسميا بموجب هذا الاتفاق.
وأوضح “فهمي” أن “أوسلو” جعلت للسلطة الفلسطينية كيان سياسي واستراتيجي على أرض الواقع، علاوة على كيان دولي، منوها أن الإيجابيات التي حققتها الاتفاقية منذ أكثر من 28 عاما، تؤكد على أن من يطالبون اليوم بإلغائها هم من يريدون إحداث فوضى، حيث أن إلغاء الاتفاقية يعني حل السلطة الفلسطينية.
اتهامات ضد اتفاقية أوسلو
وأكد أستاذ العلوم السياسية الدكتور طارق فهمي، أن هناك اتهامات ضد اتفاقية “أوسلو” وهي أنها فرضت تنسيق آمني، وساعدت على تشكيل لجان ارتباط وأنها وثقت العلاقات الثنائية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، منوها أن ذلك أمر طبيعي، فقد حرصت السلطة الفلسطينية على إيقاف العمليات المسلحة ضد إسرائيل، فعلى الرغم من أن الشعوب العربية تعتبر هذه العمليات حق للشعب الفلسسطيني كونه يقاوم ويدافع عن ارضه لكن السلطة الفلسطينية تعتبرها عمليات إرهابية وسيكون لها ردود فعل إسرائيلية عنيفة، فاعتبرت أنه يستوجب عليها وقف هذه العمليات نهائيا، مما جعلها توطد من علاقاتها مع إسرائيل.

ويرى “فهمي” أن إلغاء “اوسلو” وحل السلطة سيؤدي لمزيد من المواجهات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وسيزيد من الأمر تعقيدا، موضحا أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس جمد بعض الإتفاقيات في مراحل بعينها، مما يكشف أن تجميد أو وقف الإتفاقيات عبارة عن ورقة لا يستخدمها سوى الرئيس الفلسطيني عند الضرورة.
قطاع غزة
وفي رده حول سبل تهدئة الأوضاع في قطاع غزة، أوضح الدكتور طارق فهمي أن قطاع غزة لا يدخل ضمن اتفاقية “أوسلو”، منوها أنه حينما عند تناول هذه النقطة منذ 28 عاما في المفاوضات التي أجريت بين الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق شيمون بيريز، جاءت تحت بند “قاعدة غزة وأريحة أولا”، حيث بدء الاتفاق بغزة وأريحة التي كانت مدينة بالضفة الغربية، مشيرا إلى أن السلطة الفلسطينية لا تزال مسؤولة ماليا وإداريا لتحسين كافة شؤون قطاع غزة.
واختتم أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي، في حديثه عن أخر التطورات في قطاع غزة بأن وزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق يائير لابيد كان قد اقترح مبادرة منذ 10 أيام معروفة بـ “السلام الاقتصادي في غزة”، مع عمل مشاريع داخل القطاع، منوها أن هذه المبادرة ليس لها علاقة بـ “اتفاقية أوسلو” وإنما عبارة عن خطوات محددة الهدف منها إتمام عملية تبادل الأسرى، ولتهدئة الأوضاع في قطاع غزة.