كيف ساهم المشروع الإيراني في التوغل الإسرائيلي داخل فلسطين؟
خطوات غير متوقعة تجريها إيران كل يوم، تريد فقط أن تحقق أهداف ومخططات تتمكن من خلالها ترسيخ قوتها ونفوذها، ومن المعروف أن لإيران أذرع خبيثة مقابل الدعم الذي تتلقاه تنفذ أوامر طهران كاملة حتى وإن كانت نتيجتها اسقاط المنطقة العربية، وفي فلسطين ربما فتحت جبهة جديدة لإيران مما يطرح مزيدا من التساؤلات.
كتبت: عواطف الوصيف
تعاون غامض
أكدت كلا من “إيران حركة الجهاد الإسلامي” أن هناك تعاون بينهما، إلا أن كل طرف منهما برر هذا التعاون الغامض بأسباب تختلف عن الأخر.
فقد أشار أحد قادة الحرس الثوري الإيراني إلى أن الهدف من تعاون إيران مع حركة الجهاد الإسلامي هو حماية النظام الإيراني والجمهورية الإسلامية ككل، ذلك التصريح الذي أغضب “الجهاد الإسلامي” وجعلها ترد وتؤكد على أن هناك تعاون بالفعل بين الجانبين ولكن لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي دون النظر لأي أهداف أخرى.
دفاع عن النفس
ويبدو أن حركة الجهاد الإسلامي أستشعرت أن موقفها بات سيئا، وأنها تدعي المقاومة، فحرصت على التأكيد بأنها تأسست على أرض فلسطين منذ أن وجد الاحتلال الإسرائيلي، مشيرة إلى أن تعاونها مع إيران يصب في مصلحة القضية الفلسطينية بشكل أساسي.
وبحسب الجهاد الإسلامي، فإن إيران تقف معها في خندق واحد ضد العدو الصهيوني، وأن هدفها هو إنهاء احتلال الأراضي الفلسطينية ومواجهة إسرائيل وحلفائها في المنطقة.
من المعروف إنكار إيران دائما بأن لها أذرع خفية تنفذ مخططاتها في المنطقة، لكنها هذه المرة أكدت تعاونها مع حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، التي بدورها أكدت هي الأخرى هذه المعلومة، فما أسباب هذا التعاون؟….. وهل إسرائيل على علم بهذا التحالف الغامض أم لا؟
إيران وفصائل فلسطين
قال الدكتور إسلام المنسي الباحث المتخصص في الشأن الإيراني، إن هناك علاقة قديمة تربط بين إيران والعديد من الحركات الفلسطينية، وعلى رأسها حركتي “حماس والجهاد الإسلامي”، موضحا أن هذه العلاقة توطدت منذ مطلع التسعينات تحديدا حينما تم مؤتمر مدريد وأبرمت اتفاقية أوسلو.
وأشار المنسي في تصريحات وافية للمركز الأوروبي الشمال الإفريقي للبحوث، إلى أن مؤتمر مدريد وأتفاقية أوسلو وغيرها من اتفاقيات السلام التي أجريت، جعلت إيران تتخوف من العزلة في المنطقة، خاصة وأن هذه الاتفاقيات زودت من احتمالات التقارب بين إسرائيل ومختلف دول المنطقة العربية، فباتت تحرص على توطيد علاقاتها مع مختلف الفصائل الفلسطينية، مع تقديم الدعم المالي اللازم لها طيلة العقود الماضية.
موقف الأنظمة العربية
وأفاد دكتور إسلام أن الفصائل الفلسطينية واجهت انتقادا لاذعا من مختلف الأنظمة العربية، لأن توطيد علاقاتها مع إيران معها يزيد من احتمالات خطر التدخل الإيراني في المنطقة.
وبحسب إسلام المنسي فإن الدعم الإيراني لمختلف الفصائل الفلسطينية توقف خلال اشتعال الأزمة السورية، لكن هذا لا ينف أن الدعم الإيراني لهذه الفصائل يؤثر بشكل قوي في خريطة التوازنات والعلاقات داخل الساحة الفلسطينية والعربية أيضا.
وأكد إسلام أنه لا داع بان تقر إيران بأن لها أهداف شيطانية داخل فلسطين فمجرد تعاونها مع “الجهاد الإسلامي” وغيرها من الحركات الفلسطينية الأخرى وتقديم دعمها المادي لهم كفيل بأن يمنح إيران نفوذ قوي في المنطقة، بل ويساعدها على منح تدخلاتها الإرهابية غطاءا شرعيا، كونها ببساطة تدعي مساعدتها للصمود والمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي، موضحا أن إيران كل ما تطمح له هو توسيع مشروعها القومي الإيراني لكنها لا تفكر بأي شكل من الأشكال في القضية الفلسطينة.
حرب يوليو 2006
وأفاد الباحث المتخصص في الشأن الإيراني أنه عند العودة لحرب يوليو 2006، سنجد أن أبواق إيران الإعلامية كانت تتعمد تضخيم ما فعله “حزب الله” اللبناني مما ساعد وقتها على كسب “حزب الله” شرعية وشعبية كبيرة في الشارع العربي، لكن تبين العكس كليا خاصا بعد أن تعمد هذا الحزب حصار السوريين والفلسطينيين وأذاقهم العذاب بقلب سوريا وفي مخيم اليرموك، علاوة على ارتكابه للعديد من المجازر ضد العرب الذين كانوا يظنون خطأ أن “حزب الله” يقف معهم في خندق واحد ضد العدو الصهيوني.
وأضاف إسلام المنسي أن حرب يوليو 2006 أكدت أن إيران تستغل أي فرصة لمنح أذرعها في المنطقة صورة إيجابية تساعدها على زيادة شعبيتها وشرعيتها بأي شكل من الأشكال، حتى تتمكن من زيادة نفوذها على حساب مصلحة مختلف الشعوب العربية.
اختراق إيراني
وأوضح المنسي أن حركة الجهاد الإسلامي نفسها تعرضت للإختراق الإيراني، حينما انشق عنها عدد من أعضائها وأسسوا تنظيم أطلقوا عليه أسم “حركة الصابرين” الذي يعد تنظيم شيعي على غرار “حزب الله” اللبناني، وهذا هو الهدف الذي تطمح له إيران حيث تشكيل حركات عقائدية تحمل مشروعها ورايتها .
وبحسب الدكتور إسلام المنسي فإن إيران لا تلق بأموالها هباءا فإنها تقدم مساعدتها للحركات التي على يقين من أنها سوف تشاركها رؤية تعزيز ولاية الفقيه في المنطقة،مؤكدا أن تشكيل مثل هذه المذاهب والطوائف والخلايا الشيعية داخل فلسطين يعد من أهم النجاحات التي حققتها إيران.
في صالح إسرائيل
وختاما يمكن الآن فهم صمت إسرائيل على تعاون إيران مع حركة الجهاد الإسلامي أو غيرها من الفصائل الفلسطينية، فهذا التعاون لن يساعد في مقاومتها أو التخلص منها وإنما يصب في مصلحتها، فقد تمكنت إيران بتوطيد علاقاتها مع هذه الفصائل في زيادة الفجوة بين مختلف الرؤى الفلسطينية، وكل يوم تزيد حدة الخلافات أكثر مما ساعد على التوغل الإسرائيلي داخل الأراضي المحتلة، ولا تجنى إلا ثمرات الانتهاك ضد المقدسات، ولا يدفع الثمن سوى الأبرياء من أبناء فلسطين.