شيعة أفغانستان .. سلاح داعش لإسقاط طالبان وإنهاء تحالف روسيا وإيران مع الصين

 

أعلنت طالبان انتصارها على الولايات المتحدة الأمريكية يوم 30 أغسطس، واعتبرت أنه بإنسحاب القوات الأمريكية من الأراضي الأفغانية تكون قد وصلت لغايتها وهي فرض سيطرتها على افغانستان، لكن ما خفي كان أعظم.

 

لا شك من أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت تمثل حاجزا خطيرا بالنسبة لطالبان، التي بدأت تجتهد وتسعى لتحقيق هدف رئيسي وهو الانتصار عليها، لكن هناك قوة أخطر كان يتوجب على طالبان أن تلتفت لها وهي إيران، التي ربما قد واتتها الفرصة التي لم تتوقعها هي نفسها لكي يكون لها موضع قدم بقلب أفغانستان، والغريب أنها وهي البلد الذي يسعى لنشر المذهب الشيعي، سلاحها في أفغانستان هو “داعش” ذلك التنظيم الذي يدعي إيمانه بالمذهب السني.

 

كتبت: عواطف الوصيف

 

استهداف الشيعة على يد داعش

كشف موقع “فوكس نيوز” الأمريكي عن واحدة من أبشع الجرائم التي نفذت بقلب أفغانستان، حيث تفجير أحد المساجد شمال أفغانستان وهو مسجد تابع لممثلي الشيعة في البلاد، مما تسبب في مقتل 46 شخص وجرح أكثر من  143 أخرون من أنصار الشيعة الأفغان.

من جانبه أعلن تنظيم “داعش” الإرهابي مسؤوليته عن هذه الحادثة، وأكد أنصاره أنهم بالفعل أرادوا استهداف الشيعة وقتلهم، والأهم من ذلك أنهم لم يترددوا في الإعتراف بأنهم سيعملون على استهداف الشيعة في كل مكان بأفغانستان وقتلهم، مما كان للشيعة رد فعل عنيف ضد حكومة طالبان.

 

شيعة أفغانستان في مواجهة طالبان

وجه المتحدث باسم الشيعة في أفغانستان سيد حسين عليمي بلخي خطابا عنيفا لممثلي حكومة طالبان، واتهمهم بأنهم يقصرون في توفير الأمن والحماية اللازمين لأنصار الشيعة، منوها أنهم وبإعتبارهم المسؤولون عن البلاد بعد خروج القوات الأمريكية يتوجب عليهم توفير الأمن والسلام لكل من يعيش داخل أفغانستان سواء كان سنيا أو شيعيا.

من جانبها أدانت بعثة الأمم المتحدة بأفغانستان هذه الحادثة كليا واعتبرتها دليلا على استمرار الإرهاب والتطرف، مؤكدة أن أفغانستان خلال الفترة الماضية كانت تتعرض لعمليات إرهابية عديدة، لكن هذه المرة بات الأمر استهداف لأنصار المذهب الشيعي في البلاد الذين أصبحوا يعيشون حالة من الخوف والقلق بسبب تربص داعش بهم، وهو ما قد يفجر فتنة طائفية خطيرة داخل البلاد، متهمة طالبان بالتقصير الشديد في توفير الأمن والاستقرار.

وهنا تطرق على الأبواب العديد من علامات الاستفهام: “ترى ما الذي يحاول داعش فعله؟، هل هناك مساع داعشية لإسقاط طالبان؟ ، وإذا كان الهدف هو إثارة القلق والإرهاب في البلاد فما السر وراء استهداف الشيعة بالتحديد؟ ، وهل من الممكن أن يكون داعش السلاح الخفي لإيران الشيعية ومن خلال عملياتها الإرهابية ضد الشيعة ستمنحها الفرصة والحق لفرض سيطرتها والتدخل في الشأن الداخلي الأفغاني والحجة هي حماية الشيعة؟”

 

 

عمرو فاروق باحث المتخصص في شؤون الجماعات الأصولية والمتطرفة

 

مؤامرة داعش ضد طالبان

قال عمرو فاروق الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الأصولية والمتطرفة، إن الطائفة الشيعية في أفغانستان تعتبر الفئة الأضعف اجتماعيا، موضحا أن تنظيم داعش مؤخرا يستخدم كافة الوسائل التي من شأنها إضعاف طالبان كما أنه يحاول دائما أن يؤكد بأن طالبان لن تتمكن من فرض سيطرتها جيدا على البلاد أو إدارة مختلف الشؤون بشكل سليم في كابل.

وأضاف فاروق في تصريحات أدلى بها للمركز الأوروبي الشمال الإفريقي للبحوث، أنه لابد من الإلتفات للمرجعية الفكرية لتنظيم داعش، فهذا التنظيم يضع الفئة الشيعية على رأس قائمة الاستهدافات حيث أنهم يكفرون كل من هو شيعي، منوها أن ما يفعله هذا التنظيم من عمليات متطرفة داخل أفغانستان سيجعل العلاقة بين كلا من “داعش وطالبان” خلال المرحلة المقبلة على أشدها.

 

 

أزمة طالبان وإيران

ويرى فاروق أن استهداف داعش للشيعة يعد دليل على محاولتهم للإيقاع بطالبان، لكن الأهم من ذلك أن طالبان ولفشلها في حماية الشيعة من هجمات داعش ستدخل في أزمة ومواجهة خطيرة مع إيران، موضحا أن إشكالية طالبان تكمن في أنها وبعد الإنسحاب الأمريكي دائما ما تقدم تعهدات للمجتمع الدولي خاصة “روسيا وإيران وباكستان” بأنها قادرة على حماية مصالحهم داخل أفغانستان، وأنها لن تحاول الدخول في أي صراعات ضدهم، هذا بخلاف تعهداتها للولايات المتحدة الأمريكية بأنها ستعيق أي تجاوازت قد تحدث من قبل أي جماعات متطرفة، وطالبان هنا تحاول أن تتظاهر بأنها جماعة سلمية وهذا بالطبع غير صحيح، لكن وبتصرفات داعش، أصبحت طالبان في موقف محرج لأنها بهذا الشكل لن تتمكن من الوفاء بتعهداتها سواء لروسيا وإيران وباكستان من جانب أو للولايات المتحدة الأمريكية من جانب أخر.

وبحسب الباحث عمرو فاروق، فإن القوى الاستعمارية في العالم تحديدا “أمريكا وبريطانيا” هما السبب الرئيسي وراء تمكن طالبان من فرض سيطرتها على الحكم في أفغانستان، مشيرا إلى أن كلا من أمريكا وبريطانيا يريدان إشعال حدة الصراع في هذه المنطقة وعمل بؤرة يخرج منها الجماعات المتطرفة مثلما حدث في تسعينات القرن الماضي.

 

شو داعشي

وأكد عمرو فاروق أن داعش يريد أن يقدم شو إعلامي يصب في مصلحته في المقام الأول، فهو يريد أن يثبت بأنه لا يزال يمتلك القوة والاستراتيجية التي تمكنه من الوقوف ضد طالبان وإسقاطها، بل والتمركز في منطقة جنوب وشرق أسيا، وذلك سيؤدي إلى جذب دوائر وتيارات الإسلام السياسي التي ستحاول أن تستغل الموقف وتفرض سيطرتها على هذه المنطقة وأوروبا.

والق فاروق الضوء على تنظيم القاعدة، وأوضح أنه يتوافق فكريا مع حركة طالبان، وبالتالي سيعمل على التحالف والإنضمام مع طالبان في حربها ومعركتها ضد داعش، مما سيؤدي إلى زيادة حمية الصراع في هذه المنطقة وسيزيد من الأمر سوءا.

خطر على الحدود الإيرانية

وأضاف الباحث المتخصص في الجماعات المتطرفة والأصولية، أن الأمر لن يتوقف عند هذا الحد فمن المتوقع أن تشهد المرحلة المقبلة سلسلة من العمليات المتطرفة على الحدود الإيرانية، ومن المتوقع أيضا تعرض الصين لنفس الخطر تحت حجة حماية مسلمي الإيجور في الصين، الذي من المعروف تعرضهم للإضطهاد من قبل ممثلي الحكومة الصينية الحالية، موضحا أن كلا من الصين وإيران ذات حدود متقاربة جدا مع أفغانستان، لذلك تعرضهم للخطر أمر وارد جدا.

ويتوقع فاروق أن تتعرض الهند لنفس الخطر، فهي تقع في نفس المنطقة، وقد تواجه هجمات بسبب أزمتها مع مسلمي كشمير، مما يؤكد أن هذه البؤرة ستكون ملتهبة من كافة الزوايا، وهذا بالتأكيد يتم بمخطط أمريكي، فواشنطن تريد أن تكون هذه المنطقة بؤرة إرهابية مدمرة تماما، وبهذا الشكل ستدمر الصين وهذا ما تسعى إليه الولايات المتحدة وبريطانيا، اللاتي تريدان أيضا فك التحالف القوي بين روسيا والصين وإيران.

 

استقطاب طالبان

وعند سؤاله عن رد فعل “روسيا والصين وإيران” وما الذي قد يفعلونه لمواجهة المخطط الذي تدبره الولايات المتحدة الأمريكية بالتعاون مع بريطانيا، قال عمرو فاروق الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الأصولية والمتطرفة أنه يتوجب عليهم بقدر المستطاع التعاون معا لاستقطاب حركة طالبان لجبهتهم، وعدم الدخول معهم في أي صدام.

وختاما لا شك أن انتصار حركة طالبان وفرض سيطرتها على الحكم الأفغاني تم بمخطط أمريكي، لكنها لم تكن تعي محور جديد ربما أخطر وهو داعش التي من الصعب أن تفسح لها المجال طويلا، ذلك التنظيم الذي بمعتقداته الفكرية ضد الشيعة سيفتح الباب أمام إيران لتفرض سيطرتها على البلاد وحجتها حماية أنصار الشيعة، أما الصين فلن تترك الدفة دون التدخل أيضا لحماية مصالحها، وهو ما لن ترضى عنه أمريكا وبريطانيا ولن يدفع الثمن سوى الشعب الأفغاني من دمه.

 

 

 

مرجع:

https://www.foxnews.com/world/afghanistan-mosque-explosion-kills-worshippers