الدراما.. وخطأ الوقوع في آفة التعميم والابتعاد عن الواقع
“الدراما”… سلاح خطير وعامل رئيسي في حياتنا فمن منا لا يشاهد المسلسلات والأفلام كل يوم، منا من يسعى لتهدئة روعه من المشكلات والأزمات من خلال ما يشاهده، وأخرون يرون فيها انعكاس لواقع يعيشونه.
ولكي تضمن الدراما نسبة مشاهدة عالية، عليها أن تكون حقا مرآة للواقع الذي يحاكيه العديد من الفئات في مختلف المجتمعات، لكن الحقيقة أنها تقع في خطأ “التعميم” الذي يقلل من نسبة المشاهدة لها أو حتى الاقتناع بمحتواها.
ومن المعروف عن الدراما أنها انعكاس للواقع الذي نعيش فيه، ومثلما تعمل على الكشف عن أجمل معاني الرومانسية عبر قصص الحب الراقية، يتوجب عليها أن تتحدث عن ما يعاني منه الناس وكيف تأثروا سلبا بالعنف الذي يمارس ضدهم، وهذا ما التفت إليه المركز الأوروبي الشمال الإفريقي للبحوث، وسنحاول كشفه عبر السطور المقبلة.
كتبت: عواطف الوصيف
الدراما والعنف
عقبت الدكتورة سارة كيره دكتور العلوم الدولية ورئيسة المركز الأوروبي الشمال الإفريقي على دور الدراما في بحث أزمة العنف التي تمارس ضد الإنسان سواء الرجل أو المرأة، من خلال عقد ورشة عمل عقدها المركز جاءت تحت عنوان : “كيف أثرت الدراما على العنف ضد المرأة؟”..
وترى كيرة أن الأزمة الحقيقية تكمن في طريقة التفكير والمعتقدات المترسخة في العقول، مشيرة إلى أنها لاحظت أن هناك كثيرون كانوا يفكرون بطريقة معينة ويؤمنون بمعتقدات معينة، موضحة أن طريقة تفكيرهم ومعتقداتهم جاءت بحكم البيئة والمكان الذي كانوا يعيشون فيه، أي أن المناخ الاجتماعي هو الذي فرض عليهم هذه الطريقة في التفكير، ورغما عن انتقالهم لأماكن أخرى أكثر تحضرا وملائمة أكثر لحياة الإنسان المصري للأسف البعض انتقل بنفس السلوكيات ومنهج التفكير.
بناء الإنسان
وأكدت سارة على أن الأساس في الأمر هو العمل على بناء الإنسان بطريقة سليمة وإيجابية، موضحة أن الأمر ليس له علاقة بالفقر، فمن الممكن الذهاب لبلد بعينها يعاني شعبها من الفقر الشديد بسبب ظرف بلادهم الاقتصادية، إلا أنهم على درجة عالية من الأخلاق والإحترام والرقي، مما يوضح أن المعالجة الدرامية في أغلب الوقت وعند تناول بعض القصص والمحاور لم تكن سليمة على الإطلاق، فعلى سبيل المثال، فعادة ما تحرص الدراما على التأكيد بأن جميع المشكلات التي يعاني منها الناس سببها واحد وهو الفقر، لكن في حقيقة الأمر، ليس الفقر هو الجذر الأوحد الذي منه تنبع المشكلات والأزمات.
نيجريا
ودللت دكتورة سارة رؤيتها بتجربة شخصية مرت بها، حيث أفادت أنها توجهت إلى نيجيريا وهي بلد توصف بأنها “عملاق إفريقيا” وهي أيضا دولة غنية بالبترول ورغم ذلك هناك نسبة كبيرة من الشعب هناك يعاني من الفقر، لكن وعلى الرغم من ذلك، لم تلاحظ كيرة خلال فترة تواجدها هناك، أي سلوكيات سلبية أو محاولات للتحرش بالمرأة أو غوغائية في الشوارع، علما بأن الناس فعليا يعانون من الفقر الشديد.
وأضافت سارة أنها دخلت العديد من العشوائيات داخل نيجريا، ورأت فقر لم تراه في مصر، ورغما عن هذه الحالة المذرية، لكنها رأت كل تحضر وأسلوب طيب من الناس، مما يطرح سؤال هام وخطير وهو :” لماذا دائما يتم ربط الأخلاق السيئة بالفقر؟، فهل كل الفقراء أخلاقهم سيئة؟”، مما يؤكد على أن الدراما تقع في خطأ خطير وهو التعميم عند معالجة أغلب المشكلات الاجتماعية.
القيم المجتمعية
وتطرقت كيره لنقطة هامة، وهي أنه على الدراما الإلتفات للقيم المجتمعية وإلقاء الضوء عليها، مع العمل على نشرها وزيادة الوعي بها ، مثل القيم التربوية موضحة أن مسلسل “يوميات ونيس” الذي قدمه الفنان محمد صبحي تطرق لمفهوم القيم التربوية بطريقة رائعة في جميع أجزائه.
ووجهت دكتورة سارة من خلال المركز الأوروبي الشمال الإفريقي دعوة عامة وهي إتمام عمل حوار مجتمعي عن مختلف القيم الإجتماعية سواء التي كانت في الماضي، أو التي استجدت خلال هذه الحقبة، منوهة أن أخطر ما يوجهنا هو التصادم الإختلاف على كل شيء، كما لو أن الجميع أتفقوا على “عدم الإتفاق”.
الرجل الشرقي
وبحسب كيره، فإن أهم وأخطر ما يتوجب الإلتفات له ومناقشته هو دور الرجل الشرقي، وأنه عليه أن يعي أهمية دوره كرجل عليه أن يجتهد ويسعى في رزقه للإتيان بالطعام واحتياجات المنزل، وأن يعي أيضا دوره “كأب وأخ وزوج وحبيب”، مؤكدة أن هناك العديد من المشكلات الاجتماعية التي تحث بين الرجل والمرأة وتؤدي لارتفاع نسبة الطلاق بينهما، فيتوجب إذا على الدراما أن تلتفت لمثل هذه المشكلات وأن تناقشها، وأن توضح أهم المعايير الاجتماعية التي يتوجب مراعاتها، وتوضيح حقوق المرأة ووجباتها وأيضا حقوق الرجل وواجباته مما ق يساعد على حل هذه الأزمات وتقليل نسبة الطلاق بين الطرفين.