“الهجرة غير الشرعية”.. سلاح بيلاروسيا للانتقام من أوروبا

 

 

أندلعت أزمة الهجرة غير الشرعية من جديد، لتشهد أوروبا تهديدا خطيرا من الناحيتين السياسية والاقتصادية، وتظهر بيلاروسيا على الساحة، لتدلي بتصريحات حيال هذا الأمر ليس لتقديم حلول وإنما للانتقام مما حدث في الماضي.

 كتبت: عواطف الوصيف

 

عقبت الدكتورة سارة كيره دكتور العلاقات الدولية ورئيس المركز الأوروبي الشمال الإفريقي على أزمة المهاجرين غير الشرعيين في أوروبا التي بدأت تتفاقم مججدا في مختلف دول أوروبا.

وأشارت كيره في لقاء أجرته مع الإعلامي عاصم الفرماوي ببرنامج “مساحة للرأي” على قناة “أخبار مصر” التابعة للتليفزيون المصري الذي أذيع لبحث هذه الأزمة التي أدت إلى حدوث خلافات جديدة بين بيلاروسيا وبولندا إلى أن أزمة المهاجرين غير الشرعيين في أوروبا بدأت منذ 2015 ولا تزال مستمرة حتى الآن، منوهة أن ما يحدث الآن على الساحة وشهدته إسبانيا منذ شهر مضى في البحر المتوسط يعد ضغط غير عادي وغير محتمل على أوروبا.

الدكتورة سارة كيره دكتور العلاقات الدولية ورئيس المركز الأوروبي الشمال الإفريقي

 

أوروبا ونزاعات دول إفريقيا

وأفادت كيره أن هذه الأزمة الراهنة تؤثر على أوروبا بشكل كبير وقوي “شمال وجنوبا وشرقا غربا”، موضحة أن أوروبا تعد الأقرب جغرافيا لجميع الدول التي تشهد نزاعات في قارة إفريقيا، وأن المهاجرين الذين باتوا أزمة تهدد استقرار أوروبا ينتمون لـ “العراق وافغانستان واليمن”، والخلافات التي أندلعت الآن بين بيلاروسيا وبولندا هي تبعات لأزمة المهاجرين التي أندلعت في 2015.

وبحسب دكتورة سارة كيره فإن تدفق المهاجرين زاد تدريجيا خلال الأونة الأخيرة، مما جعل الاتحاد الأوروبي يفكر في سبل تساعد على مواجهة هذه الأزمة الخطيرة، مضيفة أن الخلافات التي أندلعت بين بيلاروسيا وبولندا قد تبدو جزء من تبعات موجات تدفق المهاجرين، لكن في حقيقة الأمر يتم استغلالها سياسيا، والخلافات ليس بيلاروسيا وبولندا، وإنما يمكن القول بأنه بين بيلاروسيا والأتحاد الأوروبي.

العمق الإستراتيجي لروسيا

وترى كيره أن بيلاروسيا هي العمق الاستراتيجي لروسيا، وبولندا أو الاتحاد الأوروبي ليس له أي سيطرة على بيلاروسيا، فقد حاول الاتحاد الأوروبي أن يكون له سيطرة عليها من خلال دعم المعارضين خلال حقبة الانتخابات في 2020، لكنه لم يتمكن، ويعد موقع بيلاروسيا الجغرافي، هو السبب وراء سيطرة روسيا عليها، كما أن هذا الموقع الاستراتيجي سبب أيضا في نشوب نزاعات بين دول عدة، كل واحدة منهم تصارع لكي تفرض سيطرتها على بيلاروسيا، فموقعها الجغرافي كنز كبير وهناك دول كثيرة تريد أن تفرض سيطرته عليها.

وفيما يتعلق بنقطة رفض دول أوروبا استقبال هؤلاء المهاجرين العرب، أفادت سارة كيره أن الاتحاد الأوروبي يمكن القول بأنه في اختبار صعب جدا خاصة بعد التصريحات التي خرجت عن بيلاروسيا وألمانيا، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي بات معروف عنه الآن أنه المظلة التي تحمي حقوق الإنسان، فدائما تنادي دول أوروبا بحقوق المهاجرين، فترى هل يتركونهم على الحدود دون حماية من البرد القارس، أم يسمحوا لهم بدخول أراضيهم ويكون ذلك ضغط قوي وشديد على دول أوروبا وتترك نفسها تمر بالعديد من الأزمات السياسية والاقتصادية.

لعبة سياسية

وتطرقت كيره إلى أن هناك وجوه سياسية جديدة ظهرت على الساحة الأوروبية، وهذه الوجوه الجديدة تريد أن تكسب ثقة الشعب لكي يضمنوا الاستمرار لفترة طويلة، والمواطنون في أوروبا بالفعل يرفضون دخول المهاجرين لأراضيهم، لأنهم ينافسونهم في الرزق، إذا يتعلق الاختبار أيضا.. “ترى هل تسعى هذه الوجوه السياسية الجديدة لكسب ثقة الشعب.. أم تضحي بهذه الثقة الشعبية لتطبيق حقوق الإنسان واللاجئين؟”.

والتفتت دكتورة سارة كيره للتصريحات التي أدلى بها رئيس بيلاروسيا، وأوضحت أنه لعب على هذا الوتر الحساس والاختبار الصعب الذي يمر به الاتحاد الأوروبي، فقد شككت دول أوروبا في سير الانتخابات الرئاسية، وشككت في فوزه، لذلك قرر أن يلعب على هذا الوتر للانتقام من دول أوروبا.

توقعات

وتتوقع الدكتورة سارة كيره أن المرحلة المقبلة لن تشهد أكثر من الاستعراضات العسكرية والقوى التي تتمثل في القوات التي أرسلها الاتحاد الأوروبي بضغط من بولندا، منوهة أن ألمانيا سوف تستمر في مساعيها لتهدئة الأوضاع، أما رئيس بيلاروسيا لن يتوقف عن ممارسة الضغط على دول أوروبا لكي تمنحه الشرعية، لكن لن يزيد الأمر ليصل إلى حد المواجهات العسكرية. وبحسب كيره فإن أوروبا في حاجة ماسة لبيلاروسيا، فبيلاروسيا بها خطين غاز مهمين جدا ودول أوروبا في حاجة ماسة لهم، منوهة في نفس الوقت أن دول أوروبا تعي جيدا أنها إذا حاولت أن تدخل في أي مواجهة عسكرية سوف تتضرر وتختنق، فلن تجرأ على إتمام أي خطوة جنونية، فهي دول صناعية تحتاج للغاز.

واختتمت الدكتورة سارة كيره بالإشارة إلى أنه رغما عن احتياج أوروبا للمواطنين، خاصة في ظل ما تعانيه من نقص شديد في نسبة المواطنين، إلا أنها تنتقي نوعية المواطنين الذين يدخلون إليها، فالمواطن الإفريقي بالنسبة لها عبء كبير سياسيا واقتصاديا، وممثلي اليمين المتطرف يرفضون هذا العبء.