ناصر زهير يكشف للمركز الأوروبي للدراسات: الاتحاد الأوروبي لن يجرؤ على معاداة روسيا
كتبت: عواطف الوصيف
تحتل أوكرانيا اهتمام كبير بين مختلف دول العالم، وعلى الرغم من أن الأزمة الأوكرانية اقتصرت على طرفين فقط وهما “روسيا وأمريكا” الذين بدأ الأمر بينهما بمناوشات كلامية وتصريحات وتهديدات نارية، إلى أن تطور الأمر لمواجهات عسكرية بينهما داخل أوكرانيا، لكن الآن تدخلت أطراف أخرى تمثل كل واحدة منها قوى عظمى في العالم.
احتشاد عسكري
تطورت الخلافات بين كل من واشنطن وموسكو بسبب أوكرانيا، للدرجة التي جعلت كل واحدة منهما تحشد قواتها داخل الحدود الأوكرانية، وهو أمر طبيعي ، فأوكرانيا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، منطقة هامة لنقل الغاز، أما روسيا تريد أن تظل منطقة القوقاز والبحر الأسود تحت سيطرتها.
ومن المعروف أن واشنطن تعتبر أوكرانيا حليف مهم لها، وهي تمارس ضغوط قوية لإدخالها حلف الناتو والاتحاد الأوروبي أيضا، وههو ما تواجهه روسيا وتمنعه بكل السبل، لأن دخول أوكرانيا حلف الناتو أو الاتحاد الأوروبي يشكل تهديد خطير لمصالحها.
عقوبات الاتحاد الأوروبي
وفي ظل المواجهات العسكرية التي حدثت بين أمريكا وروسيا يظهر الأتحاد الأوروبي في الصورة ليتدخل في القضية على طريقته، ليعلن عن فرض عقوبات على كيانات روسية عدة.
وجاء هذا القرار بعد اجتماع أجراه وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي للنظر في فرض عقوبات جديدة ضد روسيا في سبيل إجبارها على التراجع عن غزو أوكرانيا .
مجموعة فاغنر
وقد فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على مجموعة “فاغنر” الروسية شبه العسكرية وعلى 8 أشخاص، و3 شركات مرتبطة بها بسبب “ممارساتها المزعزعة للاستقرار.
ومن جانبه شدد مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل على أنه من المهم أن تعي روسيا جيدا بأن أي هجوم ستقوم به ضد أوكرانيا ستدفع ثمنه غاليا.
وأكد بوريل على أنّ اجتماع وزراء خارجية التكتل سيكون استكمالاً لاجتماع مجموعة السبع الذي نظّمته بريطانيا، مشددا على أن الهدف هو تجنب حدوث أي نزاع، منوها أن العقوبات نوقشت جيدا مع الولايات المتحدة وبريطانيا.
وتطرح العديد من التساؤلات.. ترى ما المصلحة التي ستعود على الاتحاد الأوروبي من أوكرانيا للدرجة التي تجعل ممثليه يفكرون في فرض مزيدا من العقوبات على روسيا لردعها عنها.. وهل من الممكن أن يفرض الاتحاد الأوروبي هذه العقوبات أم لن يتعد الأمر مجرد التهديد.. وما هو رد الفعل الروسي أمام هذه التهديدات الأوروبية.. والأهم كيف ستحاول الولايات المتحدة الاستفادة من الأمر خاصة وأنها دخلت في مواجهات كلامية وعسكرية من قبل أمام روسيا لكي تتمكن من فرض سيطرتها على أوكرانيا التي من أجلها الآن يريد الاتحاد الأوروبي فرض عقوبات على كيانات روسية؟..
المصلحة الأوروبية في أوكرانيا
يرى الكاتب الصحفي والباحث المتخصص في الشؤون السياسية والعلاقات الدولية بمركز جنيف للدراسات الدكتور ناصر زهير أن هناك سبب قوي يجعل الاتحاد الأوروبي يقرر فرض عقوبات على روسيا، حيث أن المصلحة الأوروبية في أوكرانيا تتلخص في ضمان تحقيق الأمن الإستراتيجي الأوروبي، منوها أن اجتياح روسيا عسكريا في أوكرانيا يعد خطرا على دول أوروبا الشرقية التي تعتبرها روسيا هي دول الاتحاد السوفيتي السابق.
وأوضح زهير في شرح واف للمركز الأوروبي الشمال الإفريقي للدراسات أن هناك تحالف قوي بين أوكرانيا ودول الاتحاد الأوروبي، يتمثل في خط أنابيب الغاز التي تأتي من أوكرانيا والعديد من المصالح الأوروبية الأخرى التي يحرص الاتحاد الأوروبي عليها، وبالتالي أمر طبيعي أن يحاول الاتحاد الأوروبي التدخل في هذه المنطقة.
تنفيذ التهديد الأوروبي
وفيما يتعلق بتهديد أوروبا بفرض عقوبات مشددة على روسيا، أفاد دكتور ناصر أنه من الممكن جدا أن تفرض دول أوروبا هذه العقوبات بالفعل وأن لا يقتصر الأمر على مجرد التهديد فقط، موضحا أن السؤال الذي يستوجب التفكير فيه فيما يتعلق بهذه النقطة هو : “ترى ما هو شكل هذه العقوبات؟”، حيث من المستبعد جدا أن تكون هذه العقوبات كبيرة أو مؤثرة بصورة قوية على روسيا وكياناتها.
وأشار ناصر زهير إلى أن أوروبا ربما تلوح بأنها تنوي فرض عقوبات مشددة على الإقتصاد الروسي، لكنها في حقيقة لن تقوم بذلك، فروسيا لها تأثير قوي جدا على الاتحاد الأوروبي خاصة فيما يتعلق بقضية الغاز وأمن الطاقة الأوروبي، وهذه محاور تمثل أهمية كبيرة بالنسبة لأوروبا، فعلى سبيل المثال تضاعفت أسعار الغاز لثلاثة أضعاف خلال الأشهر الماضية، وذلك قوض القدرة الأوروبية وأمن الطاقة الأوروبي، إذا نستخلص أن الاتحاد الأوروبي سيحاول فرض عقوبات على روسيا لكنها لن تكون عقوبات موجعة أو مؤثرة بشكل سلبي.
الرد الروسي
وعلى الرغم مما أكده أستاذ الشؤون السياسية من أن العقوبات الأوروبية على روسيا لن تكون موجعة أو مؤثرة عليها بشكل سلبي، لم أتردد في تحاوري معه من سؤاله عن ما إذا موسكو سيكون لها أي رد فعل على هذه التهديدات الأوروبية، وأفاد الدكتور ناصر أن الرد الروسي سيكون بالمثل، فإذا فرضت عقوبات دبلوماسية فسترد هي أيضا بعقوبات دبلوماسية، وإذا فرضت عليها عقوبات إقتصادية سترد أيضا بالمثل، مؤكدا أنها وإن وجدت هذه العقوبات الأوروبية موجعة ومؤثرة عليها بشكل سلبي حينها سوف تستخدم سلاحها الإستراتيجي وهو الغاز، حيث سيكون من المتوقع حدوث مناوشات كبيرة حيال هذا الشأن.
الموقف الأمريكي
وعند سؤاله عن موقف الولايات المتحدة الأمريكية وما إذا كانت ستحاول استغلال الأمر لمصلحتها خاصة وإنها دخلت في مواجهات ضد روسيا بسبب أوكرانيا، وكانت هي طرف رئيسي أجرى ممثلي الاتحاد الأوروبي مناقشتهم معها حول هذه العقوبات، وأوضح الدكتور ناصر زهير أن الولايات المتحدة ستحاول استغلال الموقف الأوروبي ضد روسيا لمصلحتها، منوها أنها دائما ما تقوم بذلك بالفعل، فهي تطالب الاتحاد الأوروبي دائما بفرض عقوبات مشددة على روسيا.
وأختتم دكتور ناصر بأن الولايات المتحدة ومهما طالبت بفرض عقوبات مشددة على روسيا فمن المستبعد جدا أن تلبي أوروبا لها غايتها، مشيرا إلى أن واشنطن تعي جيدا أن الأوروبيين لا يفضلون فرض عقوبات مشددة ضد موسكو في هذا التوقيت وإنما يفضلون الحوار وهو ما يؤيده العديد من زعماء أوروبا ورموزها السياسيين.