“ماكرون ولوبان”.. رئيس عزز موقفه بإنجازات سابقة ومنافسة يتهمها مؤيديها بالتعصب

كتبت .. عواطف الوصيف

تعيش فرنسا لحظات حاسمة، فقد بدأت عمليات التصويت على الإنتخابات الرئاسية الفرنسية، التي من المقرر أن تستمر حتى يوم 24 من الشهر الجاري، ولعل أكثر من يشعر بالتوتر والقلق هو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وتتراود على ذهنه تساؤلات عدة أهمها.. ترى هل سيعيد شعبه انتخابه لولاية جديدة مدتها خمس سنوات أم سيسلمون مفاتيح قصر الإليزيه لرئيس أخر.

 

الحرب الروسية الأوكرانية 

وتأتي الإنتخابات الرئاسية في فرنسا بعد فترة وجيزة جدا من اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، التي ربما عقدت الأمور على الرئيس إيمانويل ماكرون حيث وجهت له اتهامات بأنه فشل في إحراز أي تقدم يساعد على إنهاء الحرب أو تقديم يد العون لكي لا تتفاقم الأوضاع لما وصلت إليه.

الغزو الروسي لأوكرانيا

https://elaph.com/Web/News/2022/02/1465951.html

مرشحة اليمين المتطرف

ومن الصعب أن تتواجد الإنتخابات دون منافسة، وتأتي مرشحة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان على رأس منافسي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ويستلزم الإلتفات هنا إلى أن نسبة التصويت بين كليهما متقاربة جدا، ولكن هل موقف لوبان قوي بالدرجة التي تجعلها واثقة من وصولها لسدرة الحكم؟.

من المعروف أن الأوروبيون يخشون من صعود اليمين المتطرف للحكم في فرنسا،  أبرز ركائز الاتحاد الأوروبي، وفي وقت عصيب تمر به القارة العجوز، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، وذلك في حال تفوق لوبان على ماكرون في الجولة الثانية المقررة الأحد المقبل.

مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان

https://www.hashtagsyria.com/2022/04/09/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A6%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9/

والعلاقة الوطيدة بين مارين لوبان والرئيس الروسي فلاديمير بوتن، ليست الخطر الوحيد في وصول لوبان إلى الإليزيه، فملف الطاقة مطروح على الطاولة بقوة، بسبب الاستراتيجات التي أعلنت عنها خلال حملتها الانتخابية، وصوّت لها قرابة ربع الناخبين الفرنسيين في الجولة الأولى قبل أيام.

 

معارضة قوية

 استراتيجية مارين لوبان، لم تلق قبولا من جانب مجموعة تمثّل صناعة الطاقة المتجددة، التي أكدت أن برنامج مرشحة اليمين المتطرف سيمثّل خطوة إلى الوراء، إذا فازت في الانتخابات الرئاسية الفرنسية.

وقالت الرابطة الفرنسية لتجارة الطاقة المتجددة في بيان: “ستكون خطوة كبيرة إلى الوراء بالنسبة لبلدنا وللمناخ، من خلال زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ووارداتنا من الوقود الأحفوري، على حساب دافعي الضرائب والمستهلكين الأكثر خطورة”.

 

لوموند الفرنسية

أجرت صحيفة “لوموند” الفرنسية استطلاعا للرأي حيال أخر التطورات في فرنسا ليتضح أن الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة القدرة الشرائية قد تسببا في إنخفاض نسبة التصويت على الإنتخابات الرئاسية الفرنسية، وتبين أن نسبة المصوتين لصالح إيمانويل ماكرون لم تتعد الـ 27.8% أما مارين لوبان فإن نسبة التصويت لها هي 23.1%.

وتطرح التساؤلات ترى هل من الممكن أن يكون كلا من الحرب الروسية الأوكرانية وأزمة القدرة الشرائية سببا في إنقلاب الأوضاع رأسا على عقب لتصل إلى حد تأجيل الإنتخابات خاصة وأن نسبة التصويت ضعيفة جدا؟، وأيهما الكفة الأقوى إيمانويل ماكرون أم مارين لوبان وأيهما مصلحة الأتحاد الأوروبي معه؟

 

استطلاع رأي

أكد الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ورئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بمركز دراسات الشرق الأوسط، أن ما أوضحته صحيفة “لوموند” الفرنسية، هو مجرد استطلاع رأي وتأثير في مسار الانتخابات، موضحا أن نسبة المشاركة في الانتخابات الجارية حاليا هي بالفعل متدنية على عكس الإنتخابات التي جرت في 2017، مشيرا إلى أن على الرغم من أن انتخابات 2017 جرت في ظل ازمات تتمثل في تظاهرات مستمرة ومعارضة من قبل ممثلي السترة الصفراء، إلا أن نسبة التصويت كانت مرتفعة وتمكن إيمانويل ماكرون من الوصول لقصر الإليزيه.

وأضاف فهمي في شرح واف للمركز الأوروبي الشمال إفريقي أن الانتخابات التي تجرى حاليا في فرنسا هي عبارة عن تصويت على القضايا التي تجرى على المسويين الداخلي والخارجي، منوها أن الحرب الروسية الأوكرانية من الأمور التي قد تؤثر ماكرون أما القدرة الشرائية للعملة الوطنية في فرنسا تهاوت بالفعل منذ بضعة أشهر في ظل ظروف الأزمة العالمية علاوة على عدم وجود أي فرصة لإنعاش الإقتصاد الأوروبي.

الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ورئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بمركز دراسات الشرق الأوسط

الإنقسامات الداخلية

وبحسب الدكتور طارق فهمي أن الحرب الروسية الأوكرانية كشفت كل ما يحدث في فرنسا، حيث أنها ساعدت على كشف الإنقسامات الداخلية علاوة على الإنقسامات بين ممثلي دول الاتحاد الأوروبي، وبالتالي انخفضت العملة وانخفضت معدلات الشراء الأخرى.

ويرى أستاذ العلوم السياسية الدكتور طارق فهمي أن كفة الرئيس إيمانويل ماكرون هي التي ستربح في الانتخابات الجارية حالية وليست كفة ممثلة اليمين المتطرف مارين لوبان، فلوبان تواجه اتهامات من اليمين المتطرف الذي يفترض أنه الداعم لها، وهذه الإتهامات هي أنها لم تأتي بأي جديد، فبرنامجها الإنتخابي صعب ومرتبط بخطة إنعاش كاملة لن تستطيع الموازنة الفرنسية تحملها.

 

وعلى الجانب الأخر، أوضح أن الرئيس ماكرون ساعد على إيجاد فرص للعمالة وعمل على تقليل حدة التضخم، كما أن برنامجه الإنتخابي يتضمن رفع سن المعاش لـ 65 عام، مما يوضح أن له قاعدة شعبية كبيرة خاصة يمين اليسار، لذلك وعلى الرغم من أن نسبة التصويت بين الطرفين متقاربة ورغم المؤشرات التي تبدو وكأن كفة مارين لوبان هي الأقوى، إلا أن إيمانويل ماكرون هو الأقرب للنجاح وفرصته أكبر منها بكثير.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

https://arabic.cnn.com/world/article/2021/10/05/macron-algeria-diplomatic-crisis

فرنسا الأوروبية

وأفاد دكتور طارق أن فرنسا ذات مكانة كبيرة مهمة وتعد رمز قيادي خطير في الاتحاد الأوروبي، لذلك فإن التصويت سيكون لمن سيتمكن من تعزيز مكانة فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي وسيكون قادر على قيادة القطار الفرنسي في الاتحاد الأوروبي أمام ألمانيا، إذا يمكن وصف التصويت في الإنتخابات الجارية حالية لفرنسا الأوروبية وليس فرنسا الداخلية، منوها أن برنامج مارين لوبان برنامج تعصبي ويحتاج لقدرات فائقة، وعلى الرغم من أنها باتت متواجدة في الشارع الفرنسي والمناسبات الآن أكثر مما كانت عليه في 2017، لكن هذا لا ينف أن إمكانياتها وقدراتها لا تؤهلها لقيادة فرنسا في هذا التوقيت.

واستفاض فهمي موضحا أنه على الرغم من الأزمات السابقة التي وقع فيها الرئيس إيمانويل ماكرون خلال المرحلة السابقة، واتهامه بأنه فشل أمام الحرب الروسية الأوكرانية، لكنه في حقيقة الأمر الأجدر على قيادة فرنسا الآن، فهناك اعتبارات تتعلق بعلاقة فرنسا بجيرانها من دول أوروبا ودول الشرق الأوسط، هذا بخلاف طبيعة العلاقات مع واشنطن والإدارة الأمريكية.

 

فرنسا وواشنطن

https://www.sawtbeirut.com/world-news/%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D8%A7-%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D9%86%D8%A7-%D8%AA%D8%AA%D8%B7%D8%A7%D8%A8%D9%82-%D9%85%D8%B9-%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%84%D9%81%D9%8A/

نقاط إيجابية

واختتم أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة ورئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بمركز دراسات الشرق الأوسط بأن هناك العديد من النقاط الإيجابية التي تحسب لصالح الرئيس إيمانويل ماكرون، فقد ساعد على تنويع مصادر السلاح لفرنسا، وأتم العديد من صفقات السلاح مع دول الشرق الأوسط، وفي النهاية التكهن بمن سيفوز في النهاية متروكة للناخب الفرنسي.