“ شيرين أبو عاقلة”.. أيقونة كشف دور الصحافة في القضية الفلسطينية

 

 

كتبت.. عواطف الوصيف

 

عُرفت الصحافة على مدار تاريخها بأنها المنارة التي من خلالها تُكشف الحقائق، وكثيرا ما يكون الصحفي بمثابة الجندي الي يقف على جبهة القتال، يعي جيدا أنه قد يفقد حياته في لحظة واحدة في سبيل إرسال صورة أو كشف حقيقة محتل وهو ما حدث مع شيرين أبو عاقلة.

 

 

استشهاد شيرين أبو عاقلة

أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، الأربعاء الموافق التاسع من إبريل الجاري، استشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، شمال الضفة الغربية.

ووفقا لما ورد فإن أبو عاقلة كانت ترتدي سترة الصحافة أثناء استهدافها من قبل قوات الاحتلال كما أصيب الصحفي علي السمودي خلال تغطية عملية اقتحام مخيم جنين من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي.

 

 

اغتيال الصحفية الراحلة شيرين أبو عاقلة

مصدر الصورة : الموقع الإخباري أبناء تونس

التاريخ : 11 مايو 2022

شهود عيان

واستناداً لشهادة شهود العيان وعلى رأسهم علي السمودي، فإن شيرين تم قنصها بثلاث رصاصات، خابت أولهما وأصابتها الثالثة، بالرغم من إلتزامهم بالزي الصحفي الذي يميزهم عن غيرهم من المتظاهرين.

وأكد الشهود أن الصحفيين قاموا بالتلويح لقوات الاحتلال أول وصولهم مكان الحادث لإعلامهم بمكانهم لإسقاط أي لبس لدى الجنود، ومع ذلك تعرضوا لوابل من رصاصات القناصة، كما أوضح الذين حاولوا إسعاف الصحفية أبو عاقلة بعد قنصها أن قناص الاحتلال حال بينهم وبين إسعافها أول إصابتها، كما حاولت قوات الاحتلال قنصهم أكثر من مرة.

 

 

 

شهادة شذى الحنايشة

واستكمالا لكشف ملابسات ما حدث للصحفية شيرين أبو عاقلة أثناء تغطيتها لعملية الإقتحام الإسرائيلي لمخيم جنين، فقد قالت الصحفية شذ الحنايشة مراسلة موقع “ألترا فلسطين”، والتي كانت بجوار أبو عاقلة وقت إطلاق النار : “شجرة فصلت بيني وبين شيرين عندما استشهدت وعلى عكس ما يجري تداوله في الرواية الإسرائيلية، فلم نرصد أي حدث يستدعي إطلاق النار من قبل جنود الاحتلال، ما جرى هو اغتيال بدم بارد بحق الزميلة شيرين أبو عاقلة، التي كانت في مهمة نقل الحقيقة، مع أخدها لكامل احتياطات الأمان والسلامة”.

ووفقا لما أكدته شذى فإن الاحتلال أطلق النار على شيرين أبو عاقلة بعد أن حاولت مساعدة الصحفي علي السمودي، وأخذت تقول: “علي أصيب”، وأضافت الحنايشة أنه كان هناك صعوبة بالوصول لشيرين بسبب إطلاق النار، ليقفز شاب من فوق الجدار وينقذ شذى، ثم يصل لشيرين لكن بعد استشهادها.

 

 

 

اقتحام مخيم جنين

وكانت شيرين وزملائها يقومون بتغطية صحفية لإقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لمدينة جنين، كما تم حصار منزلا لاعتقال فلسطيني، مما أدى لاندلاع مواجهات واشتباكات مسلحة مع عشرات الفلسطينيين، وأوضح شهود، أن الجنود الإسرائيليين تعمدوا أطلاق الرصاص الحي تجاه المتظاهرين والطواقم الصحفية.

 

 

الصحافة تؤلم إسرائيل

أكد معاذ العمارنة  المصوِّر الصحفيّ الفلسطيني الذي يعمل لصالح عدة وكالات أنباء في تغطيّة أخبار القضية الفلسطينية، وأصيب على يدِ قوات الاحتلال الإسرائيلي برصاصة معدنيّة في عينهِ اليسرى في 15 نوفمبر 2019 خلال تغطيته للاشتباكات بين فلسطينيين وجيش الاحتلال في مدينة صوريف بين القدس و الخليل في الضفة الغربية في تصريحات خاصة للمركز الأوروبي الشمال إفريقي للدراسات أن إسرائيل تتعمد استهداف الصحفيين لأنها تريد طمس حقيقة الإنتهاكات التي تتعمد ممارستها بحق الشعب الفلسطيني، مشيرا إلى أن صورة الصحفي الفلسطيني تؤلم إسرائيل بشدة.

وأضاف العمارنة أن إسرائيل تحاول أن تصدر صورتها للعالم بأنها دولة إنسانية وأن قواتها عبارة عن جيش إنساني، وهذا بالطبع ليس صحيح على الإطلاق، منوها أنه لأن الصحفي الفلسطيني يحرص على فضح انتهاكات قوات الاحتلال، فتعمل إسرائيل على استهداف الصحفيين بشكل مباشر.

 

 

المصور الصحفي معاذ العمارنة لحظة إصابته من قوات الاحتلال الإسرائيلي

صورة دون تجميل

وأشار المصور الصحفي معاذ العمارنة إلى أن الصحفيين خلال تغطيتهم للجرائم التي يرتكبها قوات الاحتلال لا يحاولون تجميل الصورة وإنما ينقلونها كما هي، ولأن ذلك يكشف إسرائيل وقواتها وإنها ليست دولة إنسانية كما تدعي تعمل على استهداف الصحفيين.

وفيما يتعلق بالدور المنوط من نقابة الصحفيين الفلسطينية، أوضح العمارنة أنها تعمل على إصدار بيانات رسمية للمؤسسات الدولية لفضح الجرائم التي يرتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي، ورفع القضايا للمحاكم الدولية ضد إسرائيل، مؤكدا أن النقابة تعمل على توثيق هذه الجرائم وإيصالها لجميع دول العالم.

 

 

إجراء فلسطيني

من جانبه أكد حسين الشيخ عضو اللحنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية أنه تم رفض طلب إسرائيلي للحصول على الرصاصة التي قتلت الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة في جنين، منوها أن السلطة الفلسطينية ستجري تحقيقا مستقلا.

وأجرت السلطة الفلسطينية تشريحا لجثمان شيرين وقال مدير معهد الطب العدلي ريان العلي أنه تم استخراج جزء من الرصاصة التي أدت إلى مقتل شيرين بعد إصابتها بالرأس، دون تقديم أي تفاصيل عن نوع الرصاصة أو السلاح الذي أطلقت منه، مشيرا إلى أن الأمر يحتاج إلى استكمال الإجراءات في المختبر الجنائي.

 

 

 

جثمان شيرين أبو عاقلة المستشفى الفرنساوي مصدر الصورة : الموقع الإخباري صحافة 24 التاريخ: 12 مايو 2022

الموقف الإسرائيلي

على صعيد أخر أعلنت إسرائيل رفضها تحمليها مسؤولية قتل أبو عاقلة وقالت إنها تريد إجراء تحقيقات لمعرفة مصدر الرصاصة، التي قتلتها وما إذا كانت من الجيش الإسرائيلي أو مسلحين فلسطينيين.

وقال المتحدث باسم قوات الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي: “نحن باشرنا بالتحقيق وشكلنا فريقا مهنيا مختصا لبحث ظروف مقتل الصحفية ‫شيرين أبو عاقلة وسنصل إلى الحقيقة”.

وأضاف في تغريدة على تويتر: “لا نستبعد أيا من الفرضيات”.

 

 

 

تغريدة المتحدث باسم قوات الاحتلال الإسرائيلي أفيخاي أدرعي. رابط الصفحة: https://twitter.com/AvichayAdraee?ref_src=twsrc%5Egoogle%7Ctwcamp%5Eserp%7Ctwgr%5Eauthor

انتهاك حرمة الموت

وتعمدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اعتراض موكب تشييع جثمان الصحفية الفلسطينية الراحلة شيرين أبوعاقلة، واعتدت على المشيعين ومنعتهم من رفع العلم الفلسطيني من أمام مستشفى الفرنساوي في مدينة القدس المحتلة، وفقا لما ورد على وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”.

و أكد شقيق شيرين أن قوات الاحتلال منعت أسرته من رفع الأعلام على منزلهم، كما أفادت هيئة الأسرى أن قوات الاحتلال شنت حملة اعتقالات في جموع المشيعين لجثمان شيرين أبوعاقلة، وقامت باحتجازهم في مركز شرطة “القشلة”.

 

 

 

مصر تدين

وأعربت مصر عن رفضها الشديد للإنتهاكات التي تعمدت قوات الاحتلال الإسرائيلية ممارستها، فقد أدانت مصر بأشد العبارات مقتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، طالبت بفتح تحقيق فوري شامل في الواقعة.

وقال الخارجية المصرية في بيان، إن مصر تدين بأشد العبارات جريمة الاغتيال النكراء للصحفية الفلسطينية والمراسلة في قناة الجزيرة المرحومة شيرين أبو عاقلة، وكذلك إصابة الصحفي علي السمودي.

وأكدت مصر في بيانها أن تلك الجريمة بحق شيرين أبو عاقلة خلال تأدية عملها تُعد انتهاكا صارخا لقواعد ومبادئ القانون الدولي الإنساني وتعديا سافرا على حرية الصحافة والإعلام والحق في التعبير.

وطالبت مصر بالبدء الفوري في إجراء تحقيق شامل يُفضي إلى تحقيق العدالة الناجزة.

 

 

بيان الخارجية المصرية ضد اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة. مصدر: https://www.facebook.com/MFAEgypt

 

مصر ترفض انتهاك حرمة الموت

وأعربت مصر عن رفضها وإدانتها الشديدان للاعتداءات التي تعرضت لها جنازة  شيرين أبو عاقلة من قِبل السلطات الإسرائيلية.

وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية السفير أحمد حافظ، في بيان صحفي :”مثل تلك الاعتداءات غير المقبولة أو المبررة تمثل انتهاكاً لحقوق الشعب الفلسطيني ولحرمة الموتى”.

وتابع ” فضلاً عما تؤدي إليه من زيادة حدة الاحتقان وعدم الاستقرار في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبما يؤثر سلباً على كافة الجهود الرامية لإحلال السلام في المنطقة”.

ط

 

 

 

بيان الخارجية المصرية ضد الإنتهاكات لجنازة شيرين أبو عاقلة

استشهاد 50 صحفي

أكد الدكتور أيمن الرقب القيادي بحركة فتح الفلسطينية وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس في تصريحات وافية للمركز الأوروبي الشمال إفريقي للدراسات أنه منذ عام 2000 وحتى عام 2022 هناك قرابة الـ 50 صحفي وإعلامي الذين استشهدوا على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يدل على خوف إسرائيل من الصحفيين بالتحديد لأنها لا تريد كشف ما تقوم بها قوات الاحتلال من جرائم وانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني.

وأضاف الرقب أن الاحتلال خلال حروبه التي وصفها بـ”غير الإخلاقية” مع الشعب الفلسطيني كان يتعمد ممارسة اعتداءات همجية وبالتالي يخشى نقل هذه الحقائق، خاصة وأن الصحافة الآن باتت على درجة عالية من التكنولوجيا.

واستطرد الدكتور أيمن الرقب موضحا أن الإعلام والصحافة كانا لهما دورا محوري في الحرب الأخيرة على قطاع غزة التي استمرت 11 يوم.

 

 

 

الدكتور أيمن الرقب القيادي بحركة فتح الفلسطينية وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس

قاعدة كسنجر

وأوضح الرقب أن هناك قاعدة رسخها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كسنجر والاحتلال الإسرائيلي يحرص على تطبيقها، فقد قال كسنجر لإسرائيل :”اقتلوهم بعيدا عن الكاميرات”، مؤكدا أن إسرائيل تعتبر هذه القاعدة بمثابة الفلسفة التي لن تتخلى عنها.

ويرى الدكتور أيمن الرقب أنه من المتوقع جدا أن تكون قوات الاحتلال الإسرائيلي أثناء اقتحام مخيم جنين تقوم بجريمة ضد أحد المواطنيين الفلسطينيين، وحاولت شيرين أبو عاقلة كشف ذلك، فحرصت قوات الاحتلال على قتلها لطمس حقيقة ما كانوا يمارسونه، خاصة وأنهم بالفعل أحرقوا أحد المنازل داخل مخيم جنين بشكل متعمد.

 

 

جنازة شيرين أبو عاقلة

وفي تطرق للانتهاكات التي مارستها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني أثناء تشييع جثمان شيرين أبو عاقلة، قال الدكتور أيمن الرقب أن الجنازة تعد من أهم وأكبر الجنازات التي عرفتها فلسطين مؤخرا، وذلك كان واضحا جدا لقوات لإسرائيل، لذلك أرادوا ممارسة اعتداءات وانتهاكات واستفزازات ضد أبناء الشعب الفلسطيني خلال تشييع الجثمان، منوها أنه من المفارقات الجميلة في فلسطين أن شيرين ورغم أنها تعتنق الديانة المسيحية كان المسلمون يكبرون “الله أكبر” خلال تشييع الجثمان، كما أن مكبرات كنيسة القيامة استخدمت لرفع الآذان خلال تشييع جثمان الشهيدة شيرين أبو عاقلة.

وأكد الرقب أن الوحدة والتضامن بين المسلم والمسيحي في فلسطين أمر طبيعي ويقوى كل يوم أكثر مما ذي قبل وهذا ما يزعج إسرائيل بشدة، فالمسلم والمسيحي يقفان معا أمام الاحتلال وكل ممارسات إسرائيل الاستفزازية تفشل امام هذا التضامن.

 

 

المطلوب عربيا

واختتم الدكتور أيمن الرقب القيادي في حركة فتح الفلسطينية وأستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس أن أقل ما يستوجب القيام به من قبل القوى العربية بعد الممارسات والانتهاكات التي تمارسها إسرائيل ضد المسجد الأقصى وبعد ما حدث لشيرين أبو عاقلة هو التحرك على مستوى المؤسسات الدولية، والمطالبة الدولية بإنسحاب قوات الاحتلال من الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ 1967 وإقامة الكيان الفلسطيني على هذه الأراضي، مع توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني.