“مركز سلام لمكافحة التطرف”.. خطوة رائدة لمواجهة الإرهاب في المنطقة العربية والعالم
كتبت .. عواطف الوصيف
انطلقت فعاليات مؤتمر دار الإفتاء الدولي الأول لـ “مركز سلام لدراسات التطرف” الذي جاء بعنوان: “التطرف الديني: المنطلقات الفكرية.. واستراتيجيات المواجهة”، وذلك تحت مظلة الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، وبمشاركة نخبة من كبار رجال الدولة، وعدد من الوزراء والعلماء والمفتين، إضافةً إلى مشاركة وفود من أكثر من 42 دولة يمثلون كبار القيادات الدينية والوزراء والشخصيات العامة وممثِّلي دُور الإفتاء على مستوى العالم، تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي.
وقال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، في الكلمة التي وجهها خلال فعاليات المؤتمر إنه بالنظر للأحداث التي تشهدها مختلف دول العالم، يلاحظ موجات من التطرف والهجمات الإرهابية، مما استوجب على أهل العلم والرأي والفكر، علاوة على مؤسسات صناعة الرأي وتشكيل الوعي، وبخاصة المؤسسات الأممية والدينية ومراكز الأبحاث أن يكونوا جميعًا في أعلى درجات اليقظة والحيطة والاستعداد لمواجهة تلك التيارات الفكرية الإرهابية بكافة الوسائل العلمية والفكرية، لذلك جاءت فكرة تأسيس مركز سلام لدراسات التطرُّف، وكانت فكرة هذا المؤتمر العالمي المهم.
رسالة مصر
وأكد فضيلة المفتي أن مركز سلام لدراسات التطرف قد أُسِّس بأقسامه المتعددة وأدواته المتنوعة ورسالته السامية، ليؤكد رسالة مصر ومختلف مؤسساتها الوطنية والسياسية التي حرصت على مواجهة جميع أشكال الإرهاب والتطرف، منوها أن مصر بذلت قصارى جهدها وقدمت خير أبنائها من الجيش والشرطة شهداء للوطن في سبيل ضمان مستقبل باهر للأجيال القادمة؛ مستقبل غير ملوث بأدران التطرف والإرهاب تنعم فيه الأجيال القادمة بالاستقرار والأمن والأمان.
وأوضح المفتي أن مركز سلام يعمل على تقديم مخرجات علميَّة مؤسسية متخصصة ورصينة ومتنوعة تسهم في دعم سياسات الدولة المصرية والعالم أجمع المتعلقة بمواجهة التطرف والإرهاب والمساهمة في تحقيق رؤية الرئيس عبد الفتاح السيسي في المواجهة الشاملة للتطرف والإرهاب، والعمل على تجديد الخطاب الديني، تلك الرؤية التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وتسهم بشكل فاعل في تحقيق الطفرة الحضارية الهائلة التي تشهدها مصر الحديثة.
أفكار الجماعات المتطرفة
من جانبه قال الدكتور محمد الضوينى وكيل الأزهر خلال فعاليات مؤتمر “مركز سلام لدراسات التطرف” إنه يتمنى عمل بحث شامل لكافة الأفكار التي تتبناها الجماعات المتطرفة، مع الإلتفات إلى الأصولية والعصبية والانغلاق الذي أبتلي به بعض أتباع الدين على حد قوله، مع إدراك حقيقةَ تأثيرِ هذه الأفكارِ التي وصفها بـ”المسمومةِ على عقولِ الشَّبابِ وأفكارِهم”.
وأكد على ضرورة الابتعاد عن الخطب والمواعظِ الَّتى تستثيرُ العواطفَ، مع وضع حلول جذرية لمشكلة التطرف تبدأ بوضع برامج تعليمية وفتح شراكات إنسانية عابرة للحدود تقرب الشعوب من بعضها البعض.
تجديد الخطاب الديني
ويرى الضويني أنه لا ينبغي الخداع بقضية “تجديد الخطاب الديني” وجعلها بمثابة الشماعة التي يعلق عليهاالفشل، ومع الإيمان بضرورة تجديد الخطاب الديني لابد من اللجوء للمتخصصون في هذا الشأن، لأن التجديد له ضوابطه، منوها أن تجديد الخطاب الديني ينبغى أن يسايرَه تجديدُ الخطابِ الإعلامى والثَّقافى والسِّياسى وغيرِ ذلك من خطاباتٍ لا يستغنى عنها بنو الإنسانِ.
كلمة الأمم المتحدة
وقال الدكتور جهانجير خان مدير مكافحة الإرهاب بالأمم المتحدة ، إن إطلاق مركز سلام الذي نشهده اليوم يأتي في توقيت دقيق حيث يتواصل التهديد الذي يشكله تنظيم داعش والجماعات لتابعة له للسلم والأمن الدوليين.
وأردف قائلًا: “ويعتبر التفاعل بين الإرهاب والنزاع المسلح وخطر الانتشار الإقليمي بمثابة تحدٍّ استراتيجي، بينما يظلُّ التطرف الإرهابي عبر الإنترنت وعمليات التجنيد والهجمات المستوحاة من داعش مصدرَ قلقٍ رئيسيًّا”.
داعش والجماعات المتطرفة
وشدَّد خان على أن تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى مستمرة في عملياتها وجهودها الإرهابية، مستغلةً الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية والمظالم والتوترات السياسية، التي غالبًا ما قد تفاقمت بسبب جائحة كورنا، مشيرا إلى تضاعف حدة الخوف من الاستغلال الإرهابي لوسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك المنصات المصاحبة للألعاب الترفيهية، في الوقت الحاضر.
كلمة وزير العدل
من جانبه قال المستشار عمر مروان، وزير العدل ، ان دار الإفتاء تتقدم بخطوات حثيثة فى مواجهة الفكر المتطرف بجانب دورها الإفتائى المتميز، لافتا إلى أن تدشين مركز سلام لمواجهة التطرف خطوة في غاية الجدية في حربنا ضد التطرف والإرهاب، بالوقاية والعلاج والمواجهة ، كما يسعي المركز لمواجهة الظاهرة ، موجها الشكر لدور الافتاء ودورها المتميز.
وأشار وزير العدل النظر إلى أن أبرز مرتكزات استراتيجيات مكافحة التطرف تتمحور حول المواجهة الفكرية، تكون عن طريق تحليل تلك الظاهرة واستجلاء دوافعها وأسبابها ومنظومة مفاهيمها ومنطلقاتها الفكرية الرئيسية وتحليلها، لأنه من خلال ذلك سيكون من السهل تكوين صورة كاملة تمهِّد الطريق لمواجهة التطرف والإرهاب بطريقة فعَّالة ومؤثرة.
واستطرد ليؤكد أن هذه الخطوة تعد بمثابة الإنجاز الجديد الذي يضاف إلى إنجازات مؤسسة دار الإفتاء المصرية، كما أنها خطوة تبرهن على أن المؤسسات الدينية تقف جنبا بجنب مع المؤسسات الوطنية الأخرى في معركتها أمام قوى الإرهاب والتطرف.
أهداف مؤتمر مواجهة التطرف
ويهدف المؤتمر إلى مناقشة ظاهرة التطرف، والتأكيد على ضرورة تكاتف وتعاون الجميع مع تبادل الرؤى المُختلفة على المستويات الثلاثة: المحلية والإقليمية والدولية، في إطار مكافحة التطرف والتشدد، وتبادل خبرات التجارب الدولية في هذا الشأن، مع الاهتمام الشديد بفتح آفاق أوسع للتعاون البحثي والأكاديمي.
واختتمت دار الإفتاء المصرية، الخميس الموافق التاسع من يونيو الجاري، أعمال المؤتمر العالمي الأول لمركز “سلام” لدراسات التطرف، الذي أُقيم تحت مظلة الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم.
وكشف فضيلة المفتي الدكتور شوقي علام التوصيات والقرارات التي خلص إليها العديد من العلماء والباحثين الذين شاركوا في المؤتمر، ونشرت في البيان الختامي للمؤتمر، وهي:
أولًا:
يدعو المؤتمِرون إلى أن يصبح المؤتمر الدوري لمركز سلام لدراسات التطرف ملتقًى عالميًّا سنويًّا لسائر المراكز البحثية المتخصصة في مجال دراسة ومكافحة التطرف والإرهاب يعمل علي تنسيق الجهود وتحديد الأولويات وتوزيع الأدوار والتشبيك بين كافة المؤسسات الدينية وصناع القرار والمراكز البحثية والأكاديمية المحلية والإقليمية والدولية والأممية لزيادة الفاعلية والتأثير والخروج بمبادرات مشتركة في مجال مكافحة التطرف وقاية وعلاجًا وتأهيلًا.
ثانيًا:
يؤكد المؤتمر على أن تجديد الخطاب الديني عملية أصيلة في التشريع الإسلامي.
ثالثًا:
يشدد المؤتمر على ضرورة وضع ضوابط واضحة حول المتصدرين للخطاب الديني في الداخل والخارج بالتعاون مع المتخصصين وصانعي القرار والأجهزة المعنية في الدول، لضمان تصدُّر المؤهلين.
رابعًا:
يدعو المؤتمر إلى العناية بتنظيم ندوات ودورات مباشرة وإلكترونية تقوم بها المؤسسات الدينية الوطنية لنشر الوعي بين الشباب بمخاطر التطرف ومناقشة منطلقاته الفكرية وتفكيك منظومة أفكاره.
خامسًا:
يدعو المؤتمر كافة الدول والمنظمات إلى المراجعة المستمرة لاستراتيجيات مكافحة التطرف وتطويرها.
سادسًا:
يدعو المؤتمر إلى تنشيط وزيادة حجم المواد المترجمة حول مبادئ التعايش بين الأديان وبيان صحيح الأديان من خلال المؤسسات المعنية بهذا الشأن في البلاد المختلفة.
سابعًا:
يؤكد المؤتمر ضرورة بذل المزيد من العناية والجهد في مشروع التحول الرقمي للمؤسسات الدينية وتوفير الإرادة الحقيقية نحو ذلك التحول بإنشاء وحدات مختصة بمتابعة التحول الرقمي في تلك المؤسسات.
ثامنًا:
ضرورة عمل لجان تُشرف عليها جهات دينية وتعليمية وتربوية للنظر في استراتيجية إعداد المناهج التعليمية وآلياتها ومخرجاتها ومراجعة المناهج لضمان تنقيتها من كل ما من شأنه تعزيز خطاب الكراهية ورفض الآخر.
تاسعًا:
الاهتمام بالرعاية الوقائية والتحصين المبكر للأطفال والنشء في مراحل التعليم الابتدائية لغرس القيم والأفكار الدينية المنضبطة التي تحول -فيما بعد- دون وقوعهم ضحية للأفكار المتطرفة.
عاشرًا:
تنقية الكادر التعليمي من الأشخاص ذوي الميول والأفكار المتطرفة للحيلولة دون ترسيخ مبادئ التطرف في عقول الطلاب، لا سيما وأن الأشخاص المتطرفين يتطلعون لمثل هذه الوظائف التي تسهِّل عليهم نشر منظومة الأفكار المتطرفة من موقع التدريس والتربية.
حادي عشر:
يدعو المؤتمر إلى إنشاء منصة إلكترونية جامعة تعرض كافة إصدارات المراكز البحثية المعنية بدراسات التطرف ليستفيد منها الباحثون والمتخصصون في قضايا التطرف والإرهاب.
ثاني عشر:
يدعو المؤتمر الباحثين والمختصين بشأن التطرف إلى توجيه جهودهم البحثية لتطورات وتحولات وتحورات الفكر المتطرف، وإلقاء مزيد من الضوء على منطلقاته الفكرية الثابتة والمتغيرة، ومتابعة ذلك الشأن باستمرار لمواكبة التطور في الفكر المتطرف.
ثالث عشر:
يشجِّع المؤتمر المؤسسات الثقافية والدينية على تنظيم مسابقات دورية ورصد مكافآت وجوائز قيِّمة تشجيعًا للأعمال الإبداعية والثقافية والدينية الموجَّهة لمكافحة التطرف وتفكيك وتحليل أفكاره.
رابع عشر:
يوجِّه المؤتمر بضرورة إنشاء لجان تنفيذية متخصصة لمتابعة تنفيذ هذه التوصيات، لا سيما التوصية الأولى بجعل المؤتمر الدوري ملتقًى جامعًا للمراكز البحثية العاملة في مجال دراسة ومكافحة التطرف والإرهاب وموافاة رئيس المؤتمر بما انتهت إليه في مدة لا تزيد عن ثلاثة أشهر.
خامس عشر:
يثمِّن المؤتمر المشاركة الدولية الواسعة من الهيئات الأممية والدولية مثل الأمم المتحدة ومجلس الأمن والمفوضية الأوربية ومراكز الأبحاث والفكر المعنية بمكافحة التطرف والإرهاب من مختلف دول العالم.
سادس عشر:
يثمِّن المؤتمر كافة المخرجات التي صدرت وعُرضت في فعالياته، ويدعو الباحثين والمختصين المعنيين بقضايا التطرف والإرهاب للاستفادة منها، ومن قاعدة البيانات المتنوعة التي وفرتها مبادرات المؤتمر.
جدير بالذكر أنَّ “مركز سلام لدراسات التطرف” هو مركز بحثيٌّ وأكاديميٌّ يتبع دار الإفتاء المصرية، وهو معنيٌّ بدراسة التطرف ومناهج مكافحته والوقاية منه، ويسعى إلى تأصيل فلسفة الدولة المصرية ودار الإفتاء في نطاق المواجهة الفكرية والدينية الشاملة المتعلقة بقضية التشدد والتطرف.