ماكرون يُمني نفسه بمصير أردوغان

فرنسا بين الواقع وذكريات الانقلاب…

ثورة نانتير قنبلة موقوتة في وجه ماكرون…

هل تُعيد ضواحي فرنسا كتابة التاريخ…؟!

بقلم: إبراهيم الجيوشي

كاتب صحفي – مصري

يستعيد العالم عامة وخاصة المجتمع الآوروبي في هذه الاثناء ذكريات محاولة الانقلاب التركية في 15 يوليو 2016 والتي كانت محاولة انقلاب عسكري فاشلة لمجموعة من ضباط القوات المسلحة التركية حسب تأكيد رئيس الوزراء التركي “بن علي يلدرم”. وكان قد دبرها فصيل داخل القوات المسلحة التركية، وأعلن مدبرو الانقلاب إنشاء مجلس السلم من أجل أن تكون الهيئة الحاكمة في البلد. من خلال بيان بُث بعد سيطرتهم على قناة “تي آر تي” الرسمية التركية والذي تضمن خلاله حظر التجول في أنحاء البلاد وإغلاق المطارات، وحسب المصادر العسكرية التركية فان قائدي القوات الجوية والبرية هما من نفّذا الانقلاب على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأن محرم كوسا وهو المستشار القانوني لرئيس الأركان هو من خطط للانقلاب.

رغم كل هذه البيانات التي أعقبت محاولة الانقلاب الفاشلة إلا أن الجميع مازال يتذكر دعوة الرئيس التركي “أردوغان” في حديث له عبر مواقع التواصل الاجتماعي وهو داخل طائرته الرئاسية الناس للنزول إلى الشوارع لصد محاولة الانقلاب، ومازال الجميع يتذكر الوضع داخل شوارع تركيا وخاصة مدن “انقرة والعاصمة إسطنبول وكم القتلى من الجانبين حول جسر “البوسفور”، نعود اليوم لهذه الذكري لأننا الي اليوم لم نعلم ما حدث مع “اردوغان” وهو في الجو في طائرته الرئاسية او إن صحت الاخبار حينما كان قابعا في احدى قواعد الجيش الأمريكي في تركيا او القريبة من تركيا، لا نعلم كيف انتهي الانقلاب وعاد الرئيس التركي الحالي “أردوغان” في صباح يوم السبت إلى مطار إسطنبول “أتاتورك” وسط ترحيب شعبي وإعلانه عن إنهاء محاولة الانقلاب وتحدثه بأن المتورطين سيعاقَبون بغض النظر عن المؤسسات التي ينتمون إليها. هذا وقد شهدت المدن التركية مظاهرات حاشدة دعما للحكومة الشرعية وللرئيس رجب طيب أردوغان، ورفضا لمحاولة الانقلاب، وحسب مواقع تركية فقد عزل 34 من قيادات الجيش التركي بينهم 5 جنرالات واعتقل 754 عسكرياً لهم علاقة بمحاولة الانقلاب، وقتل نحو 60 شخصاً وعشرات الجرحى وحسب النائب العام فإن 42 قتيلا سقطوا في أنقرة بينهم 12 شرطيا.

وحتى اليوم لا يعلم أحد كيف حدد هذا بهذه السرعة، وما هو الاتفاق الذي عُقد فجرا في الجو لكي يعود اردوغان الي منصبه ويُحكم قبضته على تركيا من جديد.

ونبدأ في سرد هذه التساؤلات ونحن نتابع ما يحدث في فرنسا “ماكرون” منذ يوم 27 يونيو الماضي وهي الاحداث التي بدأت صباح الثلاثاء 27 يونيو الماضي، بعد أن أقدم شرطي فرنسي على قتل قاصر لم يمتثل لنقطة تفتيش مرورية وحاول تجاوزها في ضاحية نانتير غرب باريس.

وبينما تضاربت الرواية الرسمية في بداية الواقعة، إذ تبنت الشرطة في بادئ الأمر أن الشاب قاد سيارته باتجاه شرطيين على دراجتين ناريتين لمحاولة دهسهما، إلا أن انتشار فيديو تم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي أظهر شرطياً يصوب مسدسه نحو سائق السيارة قبل أن يسمع صوت إطلاق النار ثم تصطدم السيارة وتتوقف، كان سبباً في اندلاع الاحتجاجات والفوضى ليل الثلاثاء.

Riot police face protesters during clashes in Nanterre, near Paris on June 29.Photographer: Christophe Ena/AP Photo

 

وبحسب الفيديو ذاته، ظهر شرطيان إلى جوار سيارة، يوجه أحدهما سلاحه نحو السائق عبر النافذة ويبدو أنه يطلق النار من مسافة قريبة جداً، بينما يحاول المراهق الهروب بالسيارة.

وبعدما أطلق أحد الشرطيين النار من نافذة السيارة على السائق عندما حاول الانطلاق، اصطدمت السيارة لاحقاً بجدار جانبي، بعد أن تحركت مسافة قصيرة إلى الأمام. ولاحقاً حاولت خدمات الإسعاف إنعاش السائق الشاب في موقع الحادثة، لكنه توفي بعد ذلك بوقت قصير متأثراً بعيارات نارية في صدره.

ووفق تقارير إعلامية فرنسية، فإن شخصاً في الفيديو يمكن سماعه يقول “سوف يتم إطلاق النار عليك في الرأس” ولكن من غير الواضح من قال ذلك، مشيرة إلى أنه كان هناك شخصان آخران في السيارة لدى إطلاق النار، فرّ أحدهما بينما ألقت الشرطة القبض على الآخر وهو أيضاً مراهق.

وعلى وقع حادثة نائل وانتشار فيديو مقتله بشكل واسع، بدأت الاحتجاجات تعم فرنسا تدريجاً، إذ أظهرت مقاطع مصورة ليل الثلاثاء خروج مئات المحتجين في مناطق مختلفة من البلاد، فضلاً عن اشتعال حرائق بعد أن أطلق متظاهرون ألعاباً نارية على الشرطة وأحرقوا سيارات وممتلكات عامة وتم تدمير محطات الحافلات، في المقابل استخدمت قوات مكافحة الشغب الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين، فيما أقام آخرون حواجز طوال الليل.

وشملت الاحتجاجات والاضطرابات في بدايتها إضافة إلى “نانتير”، بلدات “أزنيير وكولومب وسورين وأوبيرفيلييه وكليشي سو بوا ومانت لا جولي”.

وبينما عبر ماكرون غداة الحادثة عن تأثره بمقتل مراهق على أيدي الشرطة، دعت حكومته إلى الهدوء بعد ليالي من التوتر في ضواحي باريس، فيما قالت رئيسة الوزراء الفرنسية إليزابيت بورن إن “الصور الصادمة” لإطلاق النار على الشاب “تظهر تدخلاً من الواضح أنه غير متوافق مع قواعد التدخل لقوات إنفاذ القانون”، مشددة على “الضرورة المطلقة للتوصل إلى الحقيقة لتغليب التهدئة على الغضب”.

من جانبه، أعلن دارمانان، إصابة 61 شرطياً واعتقال 652 شخصاً خلال أعمال العنف التي حدثت منذ الثلاثاء، ودعا إلى الهدوء وقال “لا بد من تحقيق العدالة والكشف عن الحقيقة”. وذكر أنه تمت تعبئة نحو ألفي شرطي في المنطقة، مضيفاً أنه سيتم إيقاف رجل الشرطة عن العمل إذا ثبتت التهم الموجهة إليه. وأعلن كذلك أن الشرطيين اللذين أوقفا السيارة تتراوح أعمارهما بين 38 و40 سنة وهما من ذوي الخبرة.

وأفادت قناة “بي أف إم تي في” التلفزيونية الفرنسية بأن نحو 250 سيارة دمرت وأضرمت النار في عدد من المباني الإدارية وحطمت سيارات شرطة وإطفاء، إضافة إلى إقامة حواجز من براميل القمامة في الشوارع.

وأمام فشل دعوات التهدئة من قبل الحكومة تصاعدت الاحداث أكثر عنفاً وفوضى واتساعاً في رقعة الاحتجاجات والاشتباكات مع قوات الأمن تجاوزت العاصمة الفرنسية وضواحيها، بحيث أضرمت نيران في مبنى ملحق بمقر بلدية “مانت لا جولي” في مقاطعة إيفلين المجاورة، كذلك في مدينة “تولوز” الجنوبية أحرقت سيارات عدة وألقيت قنابل حارقة على رجال الشرطة والإطفاء بينما تصاعد دخان أسود كثيف في السماء، الأمر الذي دفع ماكرون إلى عقد اجتماع خلية أزمة ممتد منذ يوم 29 يونيو، ندد في بدايته بـ”مشاهد عنف لا يمكن تبريرها” ضد “المؤسسات والجمهورية”.

وتزامن ذلك مع إعلان وزير الداخلية توقيف 150 شخصاً فجر الخميس وإصابة 24 شرطياً بجروح طفيفة واحتراق نحو 40 سيارة، وندد دارمانان بأعمال عنف “لا تحتمل ضد رموز الجمهورية”، بينما تواصل الغضب مشوباً بأعمال عنف وشغب لليلة الثانية على التوالي في ضواحي العاصمة الفرنسية باريس. وكتب على “تويتر” أنه تم “إحراق أو مهاجمة بلديات ومدارس ومراكز شرطة” مضيفاً “عار على الذين لم يدعوا إلى الهدوء”، وأعلن ان الشرطة قد اعلنت فقدانها السيطرة على الوضع في الشوارع الخلفية ومطالبته “ماكرون” باستدعاء الجيش لمساندة الشرطة.

 

وفيما أعلنت بلدية نانتير (موقع الحادثة) في اليوم الثالث للاحتجاجات أن “عدداً من المباني العامة والخاصة، بينها مدارس، تعرضت لأضرار كبيرة وغير مقبولة”، مطالبة بإنهاء “هذه الدوامة المدمرة”، دعت والدة نائل الناس للانضمام إليها في مسيرة تضامنية لابنها بعد ظهر الخميس في نانتير، قائلة في مقطع فيديو نشر على “تيك توك”، “تعالوا جميعاً، أتوسل إليكم، سنكون جميعاً هناك”.

ومع دخول الاحتجاجات والفوضى في فرنسا نحو نفق دون أفق واضح لاستعادة الهدوء، أعلن دارمانان، الجمعة، تعزيز انتشار قوات الأمن في كل أنحاء البلاد وتعبئة 45 ألف عنصر من الشرطة والدرك تحسباً لليلة رابعة من أعمال الشغب، وفي إطار سعيها إلى حتواء الشغب والتخريب سمحت الحكومة الفرنسية للدرك بإنزال عربات مصفحة إلى الشوارع من دون أن تعلن حالة الطوارئ.

واعلانه الشرطة الفرنسية أوقفت على مدار 6 أيام 3700 شخص للتحقيق، بينهم حوالي 1160 قاصرا حسب أرقام وزارة العدل التي تحدثت عن حبس نحو 400 شخص في اليام الأخيرة.

وبين ما يحدث وما يُعلن وما لا يُعلم يتم تداول الاخبار من بعض الحكومات ومنها ما سربته الحكومة الإسرائيلية بأن الرئيس الفرنسي “ماكرون” لجأ اليها لتهدئة الامر في شوارع ضواحي فرنسا، هذا وقد عادت مرة أخرى لتُعلن ان “ماكرون” لجأ اليها لكي تنقل له خبرته في التعامل مع الضواحي ومناوشات الشوارع كما تفعل مع ضواحي الضفة وغزة، وفي الأخير خرجت علينا منصات اعلامية أخرى تتحدث عن صمت بعض الدول والتزامهم الصمت رغم تواصل ماكرون معهم ومنهم من أشار ان “ماكرون” تواصل مع بوتين لكي يتدخل لدى الجانب الجائر الذي لم يتدخل بشكل رسمي ولا علي أي من المستويات الرسمية الي الآن.

 

وهنا يأتي السؤال هل مازال ماكرون يبحث عن طوق نجاة يأتيه في قصر “الإليزيه” كما مُد طوق النجاة لنظيرة التركي “اردوغان في جنح من ليل في سماء قواعد تركيا، وهل يكون هذا الطوق طوق نجاة من صديق ام طوق بشروط سياسية او عسكرية او اقتصادية.

ما احوج “ماكرون اليوم لمن يمد يده له قبل أن يُضطر لركوب طائرته والبحث عن الطوق في سماء القواعد.