الحوثيين: الدرع المؤقت لإيران في سباق التخصيب النووي
:الحوثيين
الدرع المؤقت لإيران في سباق التخصيب النووي
بقلم: سارة كيرة، مديرة المركز الأوروبي الشمال أفريقي للأبحاث
في خضم التطورات المتسارعة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، تبرز جماعة الحوثيين في اليمن كواحدة من أهم الأدوات التي تعتمد عليها إيران لتعزيز نفوذها الإقليمي وإدارة صراعاتها بالوكالة. هذه الجماعة، التي تتلقى دعماً عسكرياً ومالياً ولوجستياً من طهران، ليست مجرد لاعب محلي في الصراع اليمني، بل هي جزء من استراتيجية إيرانية أوسع تهدف إلى تأمين الوقت والمساحة اللازمة لتحقيق أهدافها النووية. وقد تستخدم ايران وقت الحرب على الحوثيين في اليمن من قبل الولايات المتحدة في تسريع والانتهاء من تخصيب اليورانيوم.
الحوثيون: الذراع الإيراني في اليمن…
وبعد أن تخلت إيران عن أذرعتها في المنطقة، سواء حزب الله اللبناني أو حماس الفلسطينية أو النظام السوري تحت قيادة بشار الأسد، تشير الأدلة إلى أن إيران قد تمد الحوثيين بكل ما يحتاجون إليه لإطالة أمد الضربات الأمريكية عليهم في اليمن، حتى تنتهي إيران من تخصيب اليورانيوم، وتكون بذلك في موقع أقوى على طاولة المفاوضات مع الجانب الأمريكي.
ومن تلك الدلائل، انه بالفعل ولت ايران لتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهي نسبة قريبة من المستوى المطلوب لتصنيع الأسلحة النووية (90%). وفقاً لتقديرات الخبراء، قد تحتاج إيران إلى بضعة أشهر فقط لتحقيق التخصيب بنسبة 90% إذا قررت المضي قدماً في هذا المسار. ومع ذلك، فإن تطوير رأس حربي نووي فعّال قد يستغرق وقتاً أطول بسبب الحاجة إلى اختبارات وتطوير أنظمة إطلاق متطورة.
هذا التسارع في البرنامج النووي الإيراني يضع المجتمع الدولي، وخاصة الولايات المتحدة، أمام تحديات جسيمة. فإيران، من خلال دعمها للحوثيين، تخلق بيئة إقليمية معقدة تسمح لها بمواصلة برنامجها النووي تحت غطاء من الفوضى الإستراتيجية.
الحوثيون كـ”درع مؤقت”
في هذا السياق، يمكن اعتبار الحوثيين “درعاً مؤقتاً” لإيران؛ فهم يشكلون عامل إلهاء للقوى الدولية، خاصة السعودية والولايات المتحدة، من خلال استمرار الصراع في اليمن. هذا الصراع يستهلك موارد واهتمامات هذه القوى، مما يمنح إيران الوقت الكافي لتعزيز برنامجها النووي دون مواجهة ضغوط دولية مكثفة.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن لإيران استخدام الحوثيين كأداة ضغط في المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة. فاستمرار الصراع في اليمن يزيد من تعقيد الوضع الإقليمي، مما قد يدفع واشنطن إلى تقديم تنازلات في المفاوضات من أجل تحقيق استقرار نسبي في المنطقة.
مرحلة المفاوضات: ما بعد التخصيب
مع اقتراب إيران من تحقيق تخصيب اليورانيوم بنسب عالية، قد تدخل المنطقة مرحلة جديدة من المفاوضات الدولية. هذه المفاوضات ستتركز على الحد من البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات الاقتصادية التي تعاني منها طهران.
في هذه المرحلة، قد تلعب إيران بورقة الحوثيين كجزء من استراتيجيتها التفاوضية. فإذا تم التوصل إلى اتفاق نووي، قد تتراجع إيران عن دعمها للحوثيين كبادرة حسن نوايا، أو قد تستمر في دعمهم كأداة ضغط إضافية لضمان تحقيق مصالحها الإستراتيجية.
سيناريوهات مستقبلية
في حال نجاح المفاوضات، قد تشهد المنطقة تراجعاً في دعم إيران للحوثيين، مما قد يؤدي إلى تخفيف الصراع في اليمن وفتح آفاق جديدة للحلول السياسية، حيث قد يُشكل ذلك حقبة جديدة لليمن بعد انتهاء الدعم الايراني للجماعة اليمنية.
أما في حال فشل المفاوضات، فقد تستمر إيران في دعم الحوثيين بشكل مكثف، مما يؤدي إلى تصعيد الصراع في اليمن وزيادة التوترات الإقليمية. هذا السيناريو قد يفتح الباب أمام مواجهات أوسع بين إيران والقوى الدولية، خاصة إذا قررت القوى العظمى الغربية مواجهة المشروع النووي الايراني وإيقافه بشكل ما، على الرغم من ان هذا الطرح قد يكون بعيداً.
الخلاصة
جماعة الحوثيين ليست مجرد لاعب محلي في الصراع اليمني، بل هي جزء من استراتيجية إيرانية أوسع تهدف إلى تعزيز النفوذ الإقليمي وشراء الوقت لتحقيق أهدافها النووية. مع اقتراب إيران من تحقيق تخصيب اليورانيوم بنسب عالية، قد تدخل المنطقة مرحلة جديدة من المفاوضات الدولية، حيث ستلعب الحوثيين دوراً محورياً في هذه الاستراتيجية.
في النهاية، فإن مستقبل الصراع في اليمن والبرنامج النووي الإيراني مرتبطان بشكل وثيق، مما يجعل من الضروري فهم هذه
العلاقة المعقدة لتحقيق أي حلول دائمة في المنطقة.